التعليم


الوضع التعليمي : يعتبر التعليم العامل الفاعل في عملية التطور والتنمية وإن أية تنمية اقتصادية أو اجتماعية تتوقف على مدى استثمار الإمكانيات البشرية المتاحة، والتعليم له شأن كبير في كشف القدرات والملكيات عند الإنسان ورفع مستوى الوعي والثقافة عند السكان لتحمل مسؤولياتهم إذ يعد التعلم حاجة أساسية ملحة لتنمية المهارات والقيم ليتمكن الإنسان من التلاؤم مع المجتمع والبيئة التي هو جزء منها ، ولابد من متابعة المشاكل والشكاوى التي تساهم في ضعف التعليم وعدم وصول الطلاب إلى مراحل التعليم العليا ، وقد استمعنا إلى مشاكل من الناس وأحصينا آرائهم التي وجدناها كبيرة وكثيرة ، وكانوا رجاؤهم مستمراً  لأي أحد يستطيع أن ينقل مشاكلهم علها تحل أو حتى ولو يحل جزء منها، لأننا نعلم ويعلم كل العالم بأن الشعب الفلسطيني شعب ذكي ويملك طاقات عظمى، فلماذا لا نستغلها ونسعى لحل مشاكلنا ونؤرق الكيان الصهيوني إسرائيل الذي يسعى بكامل قواه ليجعل من الشعب الفلسطيني شعباً جاهلاً حتى يتمكن من السيطرة على أراضيه و يثبت للعالم بأن فلسطين هي لهم فلا يستطيعون بذلك تحقيق حلم العودة التي يحلم بها كل لاجئ فلسطيني مبعد عن أرضه .  و قد تأثر التعليم في مخيم الحسينية تأثراً كبيراً بكثير من العوامل وأهمها: الفقر الذي يعاني منه المخيم مما أدى ذلك لاضطرار الأهالي لإخراج أولادهم من المدارس بعد السن الإلزامي حتى يساعدوا الأب في كسب المال الذي يكفي حاجتهم اليومية فقط ناهيك عن كلفة المواد المدرسية التي أصبحت عبئاً عليهم . عمل الأم خارج البيت لساعات طويلة لتساعد الأب في كسب المال مع ما يؤدي ذلك لإهمال الأولاد وعدم متابعتهم للدراسة وكسل الولد الذي يجعله يفصل من المدرسة أو يهرب منها كل يوم أو يرسب في كل عام فيكره الدراسة والعلم وينشئ بذلك جيل جاهل . بعد المدارس عن منازل الطلاب وخاصة الطالبات فيؤدي ذلك إما للتعامل مع وسيلة نقل وهذا يسبب عائقاً كبيراً بسبب أجرة النقل أو ذهاب الطالب أو الطالبة لمكان بعيد غير آمن قد يصل أحياناً البعد إلى 2 كيلومتر في بعض الأحيان يسيرها الطالب مشياً على الأقدام وخاصة في فصل الشتاء مع كل البرد والطين لعدم وجود المواصلات للمكان وذلك يجعل الطالب يكره الدراسة ويتسرب من المدرسة وهذه القضية قد أرهقت الأهالي ، ولكن إلى الآن لم يوجد أي حل فيخاف الأهل على أولادهم ويفضلوا إخراجهم من المدرسة . قلة عدد المدارس سواء التابعة لوكالة الغوث ( الأونروا ) وعددها أربعة ثلاث منها قديمة وتقع بجانب بعضها والرابعة بنيت في عام 2011م وأسماء هذه المدارس هي ( مدرسة حطين ومدرسة بيت جالا ومدرسة الأقصى والجديدة مدرسة الحسينية للبنين ) فكثير من الأهالي يحرمون أولادهم من التعليم لبعد المسافة الغير مقبولة . لقد قرأنا بعدد من الكتب عن المدارس ولاحظنا ما يلي : " تقوم الأونروا بتخديم ست مدارس في الحسينية و قد خصصوا أربعة مدارس منها للتعليم الأساسي واثنتان للتعليم الإعدادي ". وعندما ذهبنا للاطلاع على هذه المدارس وإذ بنا نرى ثلاثة أبنية فقط ) من خلال زيارتين ميدانيتين للمدارس ) كلها بمنطقة واحدة وأمام بعضها البعض وباقي البيوت بعيدة جداً عن المنطقة وأعلمونا بأن هذه المدارس تعتبر ستة فسألنا عن السبب فقالوا أنهم يعتبرون كل مبنى مدرستين فترة صباحية وفترة مسائية وأسمائهم كالتالي مدرسة بيت جالا ( إعدادية إناث ) ومدرسة الأقصى ( إعدادية ذكور ) ومدرسة رفح ( ابتدائية إناث ) ومدرسة اجزم ( ابتدائية ذكور ) و مدرسة قلقيلية ( ابتدائية ذكور ) ومدرسة حطين ( ابتدائية إناث ) (10) لقد زرنا عدداً من العائلات في المخيم ممن تبعد مساكنهم عن هذه المدارس لنسمع آرائهم ( كشهادة عائلة الزغموت وعائلة مثقال وعائلة أكراد من مخيم الحسينية ) فشكوا كثيراً من هذا الوضع وخاصة وجود فترة المساء التي تعتبر سلبية عند الجميع والسبب هو اضطرار الأولاد للعودة للبيت في وقت الليل في الشتاء مع العلم بأنهم صغار الأعمار وتحدثوا عن تزاحم الصفوف بسبب الأعداد الكبيرة في الصف الواحد . و أما بالنسبة للمدرسة الرابعة فليس الوضع فيها بأفضل مما سبق فهي جديدة وتم بناؤها في هذا العام وهي تقع جنوب غرب تجمع الحسينية والتي تبعد عن سكان التجمع الأساسي حوالي 2500 متراً إلى 3500متراً  إلاّ أن الأهالي بالإجماع لم يقبل أحد منهم تسجيل ولده ، ويعود ذلك لعدة أسباب جمعناها من الأهالي وتحققنا من ذلك بزيارتنا لهذه المدرسة فوجدناها تبعد بعداً غير مقبول عن البيوت المسكونة وبالإضافة لذلك وجود بئر كبير قريب منها هي معزولة من الاتجاهات الأربعة وأيضاً يوجد بجانبها غرفة من الحجر مهجورة ولا يوجد طريق سالك بسهولة إليها بسبب عدم تعبيد الطرق حتى الباصات أو السيارات تصل إليها بصعوبة بسبب الطريق المتكسر المليء بالحجارة وهي تعتبر من أول الفصل الدراسي الحالي جاهزة ولكن عندما رفض الأهالي تسجيل أولادهم قررت الأونروا نقل عدد من طلاب مدارس أخرى مثل مدرسة الأقصى إليها على سبيل الإجبار لا الاختيار و قرروا فتحها من بداية الفصل الدراسي الثاني من عام 2012م للذكور فقط وقد اعترض الكثير من الأهالي على هذا الموضوع وأثار جدلاً واسعاً بينهم وحاولوا إقناعهم بعدة طرق منها قولهم : أن هناك مشكلة في تدني مستوى التعليم في تجمع الحسينية تحت حجج واهية كعدم وجود كادر من أهالي المنطقة علماً بأن هذه الحجة غير صحية وغير مقنعة لأهالي التجمع وبعدها تمت دعوة الأهالي إلى المدرسة الجديدة بتوجيه من مدير التربية بالوكالة بأنه سيذهب للمدرسة الجديدة من المدرسة القديمة وهي مدرسة الأقصى مشياً وبدون سيارة وبالفعل ذهب الأهالي مشياً على الأقدام فاستغرق الوقت حوالي 45 دقيقة لحين وصولهم إلى المدرسة ، إلاّ أن مدير التربية السيد محمد عموري ذهب بسيارته وبدء بأخذ آراء الأهالي فمنهم من يريد نقل ابنه على اعتبار المدرسة قريبة منهم وهؤلاء كانوا قلة ومنهم من رفض نقل أبنائه ، وقد تحدث السيد محمد عموري مدير التربية عن الإيجابيات والحسنات لهذه المدرسة النموذجية وبالفعل قام الأهالي بجولة في المدرسة وكانوا متمنين بأن تكون النموذجية حقيقة في قلب التجمع رغبة بالاستفادة منها ، لكن بعد مناقشة الأهالي والاستماع لهم تم الاتفاق بأن يُبحث عن حل من أجل نيل رضا الجميع ، وتحدث الاستاذ محمد عموري عن نقل الطلاب القاطنين في المنطقة الجنوبية للمدرسة الجديدة وتبقى مدرسة الاقصى على حالها ، وانفض الاهالي بوعود من السيد مدير التربية على لقاء ثان معهم ، وفي صباح اليوم التالي تفاجئوا بمدير مدرسة الأقصى الاستاذ محمد جمعة يهدد الطلاب بنقلهم إلى المدرسة ضارباً بكل الوعود عرض الحائط ونسوا ما شددوا عليه بحرصهم على الطلاب وعلى الفقر التي يعيشه شعبنا الفلسطيني والتأكيد على إيجاد مواصلات تتحمل مسؤوليتها وكالة الغوث في حال تم نقل الطلاب إليها متمنين من المسؤولين أن ينظروا بعين الرحمة لعائلات شعبنا الفقيرة الفقراء التي لا تستطيع تأمين مواصلات لأبنائها لأن الكثير منها عنده أكثر من ثلاث أو أربع طلاب في المدرسة . ولقد قمنا بزيارة مركز دعم الشباب في المخيم و قابلنا مدير المركز وطلبنا منه توضيح سبب بناء هذه المدرسة البعيدة وبهذه المواصفات فقال لنا أن صاحب هذه الأرض يملك أرض هذه المدرسة وما حولها من الأراضي ولكنها غير مرغوبة ولا تجلب له السعر الذي يتمنى بيعها به ، فعرض على الأونروا أن يوقف هذه الأرض لها و لكن شرط عليها أن تبنيها مدرسة حصراً وذلك لترتفع أسعار أراضيه المجاورة و تصبح المنطقة مرغوبة فتبنى فيها البيوت و المحلات التجارية و يزداد النشاط التجاري بالمنطقة ( شهادة مدير مركز دعم الشباب في الحسينية ) ولقد بيّن الأهالي بأن المدرسة حديثة جداً وبناؤها راق ومكلف جداً ، وعلمنا أن الأونروا وعدت الأهالي بتيسير مواصلات لهم ولكن دفع الأجرة على الأهالي ولا أحد إلى الآن يعلم كيف سيكون الوضع في الأيام القادمة هل سيرضى الأهالي بهذا الوضع أم لا. أما بالنسبة لمرحلة التعليم الثانوي فهي مرحلة دراسية مهمة جداً و يتوفر حالياً في المخيم مدرستين وهما تابعتين للحكومة السورية ( تربية ريف دمشق ) وللعلم فإن هذا العدد غير كافٍ مقارنة مع أعداد طلاب المدرسة الإعدادية اللذين سينتقلون للمدرسة الثانوية مما يضطر الكثير لترك المدرسة أو الذهاب لثانوية بعيدة جداً في السيدة زينب وببيلا ويعود سبب انخفاض عدد طلاب المرحلة الثانوية في البلدة إلى التسرب المدرسي وانخفاض مستوى المعيشة .  ثانوية الحسينية المحدثة للبنات  ومن المهم الإشارة إلى عدم وجود أية مدرسة فنية أو شرعية أو مدرسة خاصة أو معهد خاص لنيل شهادتي التعليم الأساسي والثانوي ويذهب الطلاب أيضاً للتسجيل في دورات التقوية بمعاهد السيدة زينب ومخيم اليرموك وببيلا . أما بالنسبة لمرحلة التعليم ما قبل الأساسي وهو ما يسمى برياض الأطفال فتعد مرحلة أساسية سابقة لما قبل التعليم الابتدائي وتشمل الأطفال من سن ثلاث سنوات حتى خمس سنوات وتهدف لتنمية المواهب وتفتيح الأذهان وتهيئة الطفل لاستقبال مرحلة جديدة من عمره ولا يوجد أي مدرسة حكومية لرياض الأطفال (11)  فهناك ثمانية روضات متفرقة في المخيم وهي روضات يملكها القطاع الخاص إلا واحدة للأونروا واسمها الأقصى وقد قمنا بزيارتها وقابلنا مديرتها وقد ذكرت لنا أن هذه الروضة افتتحت سنة 1990 وتضم الآن 300 طالب وطالبة ويعملون بجهد متواصل لخدمة الطلاب والجيل الجديد ومستوى الروضة يعتبر ممتازاً وأما البناء فرأيناه بحالة جيدة ومرتبة وفيها أيضاً مكان للمعاقين كما أننا سألناها عن القسط الذي يدفعه الأهالي فقالت بأنه متفق عليه بين الروضات وهو 8000 ليرة سورية على الطالب ناهيك عن أجرة الباص وهذه الكلفة تعتبر مقبولة وإن كانت مرهقة لمن لا يملك حتى قوت يومه  ( عدة زيارات ميدانية على الروضات ) . حضانة وروضة الأقصى  فكل هذه العوامل أدت لتدني كبير في المستوى التعليمي فالأغلب من اللاجئين حاصلين على الابتدائية فقط أو أميين .

المراجع: 

(9) ظافر بن خضراء، سورية واللاجئون الفلسطينيون العرب المقيمون،  صفحة 90-91  .

 (10) رسالة تخرج  "بلدة الحسينية دراسة في الجغرافية الإقليمية" من إعداد معن محمد خلف 2008- 2009 

صور من المخيم


https://palcamps.net/ar/camp/100