☰ قائمة المخيمات

معلومات إضافية


تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول معركة جنين

 

 

أعد الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان تقريراً بناء على قرار الجمعية العامة المتخذ في 7 مايو/أيار 2002 م والذي طلبت فيه الجمعية من الأمين العام تقديم تقرير عن الأحداث التي وقعت في جنين وفي المدن الفلسطينية الأخرى مستفيدا من الموارد والمعلومات المتاحة. وقد طلبت الجمعية العامة هذا التقرير عقب حل فريق تقصي الحقائق التابع للأمم المتحدة الذي شكله الأمين العام تلبية لقرار مجلس الأمن رقم 1405 (2002) المؤرخ 19 أبريل/نيسان 2002م. وأوردنا الجزء المتعلق مباشرة بجنين وملاحظات الأمين العام فقط، وللاطلاع على التقرير كاملا وحيثياته يمكن العودة للمصدر.

توغل الجيش (الصهيوني) في مدينة جنين ومخيم اللاجئين 3-18 أبريل/نيسان ‏2002‏م

بالرغم من أن الروايات المباشرة المتاحة جزئية ويتعذر التثبت من صحتها وغفل في كثير من الأحيان،فإنه من الممكن عبر مصادر الحكومة (الصهيونية) والسلطة الفلسطينية والأمم المتحدة وغيرها من المصادر الدولية تتبع تسلسل زمني تقريبي للأحداث التي وقعت داخل مخيم جنين في الفترة من 3 إلى 18 أبريل/نيسان 2002م.

فقد استمر القتال نحو 10 أيام وتميـّز بمرحلتين مستقلتين:المرحلة الأولى بدأت في 3 أبريل/نيسان وانتهت في 9 أبريل/نيسان،في حين استغرقت المرحلة الثانية يومي10و11 أبريل/نيسان.

وحدثت معظم الوفيات على كلا الجانبين في المرحلة الأولى ولكن يبدو أن معظم الأضرار المادية حدثت في المرحلة الثانية.

ادعت السلطة الفلسطينية ومنظمات حقوق الإنسان بأن قوات جيش الدفاع (الصهيوني)قامت أثناء إدارة عملياتها في مخيم اللاجئين بارتكاب أعمال قتل غير مشروعة،واستخدام دروع بشرية،واستعمال القوة بصورة غير متناسبة،وبعمليات اعتقال وتعذيب تعسفية،ومنع العلاج الطبي والمساعدة الطبية.

ويشير جنود جيش الدفاع (الصهيوني)الذين اشتركوا في اجتياح جنين إلى حدوث انتهاكات للقانون الإنساني الدولي من جانب المقاتلين الفلسطينيين داخل المخيم،بما في ذلك تمركزهم في منطقة مدنية مكتظة بالسكان واستخدامهم للأطفال لنقل الشراك المفخخة وربما نصبها.

وفي رواية الحكومة (الصهيونية)عن العملية،قامت القوات (الصهيونية)أولا بتطويق مدينة جنين وفرضت سيطرتها على مداخل المدينة ومخارجها وسمحت للسكان بمغادرتها طواعية.وهناك نحو 11 ألف شخص فعلوا ذلك،ووفقا للمصادر (الصهيونية) فإن القوات (الصهيونية)اعتمدت في توغلها في المخيم على المشاة بالدرجة الأولى وليس على القوة الجوية والمدفعية في محاولة منها لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين إلى أدنى حد ممكن، ولكن روايات أخرى عن المعركة تشير إلى أن عددا يصل إلى 60 دبابة ربما يكون قد استخدم حتى في الأيام الأولى.

وتشير المقابلات التي أجرتها منظمات حقوق الإنسان مع شهود إلى أن الدبابات والمروحيات وقوات برية تستخدم أسلحة صغيرة كانت سائدة في اليومين الأولين،وبعدها استخدمت الجرافات المدرعة لتدمير المنازل والهياكل الأخرى لكي توسع الممرات داخل المخيم.

وقامت القوات (الصهيونية)مستخدمة مكبرات الصوت بحثّ المدنيين باللغة العربية على إخلاء المخيم،تشير بعض التقارير بما في ذلك المقابلات التي أجريت مع جنود جيش الدفاع (الصهيوني)إلى أن هذه التحذيرات لم تكن كافية وتجاهلها كثير من السكان. وقد فرّ عدد كبير مـن سكان مخيم جنين من المخيم قبل بدء الاجتياح (الصهيوني)أو مع بدايته،وغادر آخرون بعد 9 أبريل/نيسان،وتختلف التقديرات بشأن عدد المدنيين الذين بقوا في المخيم طوال الفترة ولكنه قد يصل إلى 4 آلاف شخص.

”الرواية (الصهيونية): وقعت معركة شديدة في جنين اضطر خلالها جنود جيش الدفاع (الصهيوني)إلى القتال بين المنازل المفخخة وحقول القنابل”

وكما جاء في وصف الحكومة (الصهيونية)"وقعت معركة شديدة في جنين اضطر خلالها جنود جيش الدفاع (الصهيوني)إلى القتال بين المنازل المفخخة وحقول القنابل في جميع أنحاء المخيم الذي أعدّ مقدما كميدان قتال مفخخ".

وتعترف السلطة الفلسطينية بأن"عددا من المقاتلين الفلسطينيين قاوموا الهجوم العسكري (الصهيوني)وكانوا مسلحين ببنادق فقط و... متفجرات بدائية"،وقدّم متحدث باسم جيش الدفاع (الصهيوني)صورة للمقاومة تختلف عن ذلك اختلافا طفيفا، حيث ذكر أن الجنود واجهوا "أكثر من ألف عبوة متفجرة، وعبوات متفجرة حية، وبعض العبوات المتفجرة الأكثر تطورا... مئات من القنابل اليدوية... [و] مئات من الرجال المسلحين". وتؤيد تقارير حقوق الإنسان الروايات التي تؤكد أن بعض المباني كانت مفخخة من جانب المقاتلين الفلسطينيين.

وليس هناك شك في أن جيش الدفاع (الصهيوني)واجه مقاومة فلسطينية عنيفة،وليس هناك شك أيضا في أن المقاتلين الفلسطينيين في المخيم وفي أماكن أخرى انتهجوا أساليب تشكل انتهاكات للقانون الدولي أدانتها وما برحت تدينها الأمم المتحدة،بيد أن الأمور ما زالت تفتقر إلى الوضوح والتيقن فيما يتعلق بسياسات وحقائق رد القوات (الصهيونية)على هذه المقاومة. وتؤكد الحكومة (الصهيونية)أن قوات جيش الدفاع (الصهيوني)"اتخذت بصورة واضحة جميع التدابير الممكنة لعدم تعريض حياة المدنيين للخطر"ولكنها ووجهت بـ"إرهابيين مسلحين تخفّوا عن عمد بين السكان المدنيين"،ومع ذلك فإن بعض جماعات حقوق الإنسان وشهود العيان الفلسطينيين يؤكدون أن الجنود (الصهاينة)لم يتخذوا جميع التدابير الممكنة لتجنب إصابة المدنيين بل واستخدموا بعضهم كدروع بشرية.

وبينما توغلت القوات (الصهيونية)في المخيم،انتقل المقاتلون الفلسطينيون حسبما تفيد التقارير إلى وسط المخيم،وتشير التقارير إلى أن أعنف القتال وقع في الفترة ما بين 5 و 9 أبريل/نيسان مما أسفر عن أكبر خسائر في الأرواح على كلا الجانبين.

وهناك تقارير تفيد بأنه خلال هذه الفترة زاد الجيش (الصهيوني)من قصفه بالقذائف من الطائرات المروحية ومن استخدام الجرافات بما في ذلك بغرض هدم المنازل لدفن مَن رفضوا الاستسلام تحت أنقاضها حسبما ادعي كما قام بإطلاق النار"بصورة عشوائيـة"،وفقدت القوات (الصهيونية)14 جنديا،13 منهم في اشتباك واحد وقع يوم 9 أبريل/نيسان.ولم تتكبد القوات (الصهيونية)أية خسائر أخرى في الأرواح في جنين بعد 9 أبريل/نيسان.

وتشير التقارير الصحفية من الأيام المشار إليها والمقابلات اللاحقة التي أجراها ممثلو المنظمات غير الحكومية مع سكان المخيم إلى أن خمسة فلسطينيين في المتوسط ماتوا كل يوم خلال الأيام الثلاثة الأولى من الغارة وأن يوم 6 أبريل/ نيسان شهد زيادة حادة في عدد القتلى.

وأكد مستشفى جنين وفاة 52 بحلول نهاية مايو/أيار 2002م.كما يقدر جيش الدفاع (الصهيوني)أيضا عدد الخسائر في الأرواح بنحو 52 شخصا،وقد ادعى أحد كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية في منتصف أبريل/نيسان أن نحو 500 شخص قد قُتلوا،وهو رقم لم يثبت في ضوء الأدلة التي ظهرت.

ومن المتعذر أن يحدد بدقة عدد المدنيين بين القتلى الفلسطينيين. وقدرت حكومة "إسرائيل"،أثناء توغل قواتها في المخيم أنه كان هناك "عشرات فقط من القتلى في جنين... وأن الغالبية العظمى منهم كانوا يحملون أسلحة وأطلقوا النار على قوات [جيش الدفاع (الصهيوني)]"،وقد أبلغ مسؤولون (صهاينة)أفراد الأمم المتحدة بأنهم يعتقدون أن 38 من بين القتلى الـ 52 كانوا من المسلحين و14 من المدنيين،وقد اعترفت السلطة الفلسطينية بأنه كان هناك محاربون من بين القتلى،وقامت بتسمية بعضهم،ولكنها لم تضع تقديرات دقيقة للعدد في كل من الفئتين.وتضع منظمات حقوق الإنسان الخسائر بين المدنيين عند رقم أقرب إلى 20 حيث وثّقت منظمة رصد حقوق الإنسان 22 مدنيا من بين القتلى الذين يبلغ عددهم 52 شخصا،في حين ذكرت منظمة الأطباء المناصرين لحقوق الإنسان أن "الأطفال دون سن 15 سنة والنساء والرجال فوق سن 50 سنة كانوا يشكلون نحو 38% من جميع حالات الوفاة المبلّغ عنها".

وذكر جيش الدفاع (الصهيوني) في ذلك الوقت أن أساليبه قد لا تتغير "لأن الافتراض الأساسي هو أننا نعمل في حي مدني"،غير أن الروايات الأخرى عن المعركة تشير إلى أن طابع العملية العسكرية في مخيم جنين للاجئين تغير فعلا بعد 9 أبريل/نيسان 2002م. ففي ذلك اليوم قُتل 13 جنديا (صهيوني)وجُرح عدد آخر فيما تصفه السلطة الفلسطينية والحكومة (الصهيونية)على السواء بأنه "كمين خطط له جيدا"ومات الجندي (الصهيوني)الرابع عشر في مكان آخر من المخيم في ذلك اليوم،مما أوصل خسائر القوات (الصهيونية)في الأرواح خلال العملية في جنين إلى 23 شخصا.

وفي أعقاب الكمين يبدو أن القوات (الصهيونية)غيّرت تكتيكاتها من تفتيش المنازل وتدمير بيوت المقاتلين المعروفين إلى توسيع نطاق القصف بالدبابات والقذائف،كما استخدمت القوات (الصهيونية)الجرافات المدرعة تدعمها الدبابات لهدم أجزاء من المخيم. وتؤكد الحكومة (الصهيونية)أن "القوات (الصهيونية) لم تدمِّر المباني إلا بعد أن وجهت نداء عدة مرات للسكان بمغادرة المباني التي لم يتوقف منها إطلاق النار".وتدعي إفادات الشهود وتحقيقات منظمات حقوق الإنسان أن التدمير كان عشوائيا وغير متناسب حيث كانت بعض المنازل تتعرض للهجوم من الجرافات قبل أن تتاح الفرصة لسكانها لإخلائها. وتؤكد السلطة الفلسطينية أن قوات جيش الدفاع (الصهيوني)"كانت لديها معرفة كاملة وتفصيلية بما يحدث في المخيم عن طريق استخدام الطائرات التي تطير دون طيار والكاميرات المثبتة في بالونات… [و] أن أيا من الفظائع التي ارتكبت لم يكن غير متعمد".

وشككت منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية فيما إذا كان هذا التغيير في التكتيكات متناسبا مع الهدف العسكري ووفقا للقانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان،وتدعي رواية السلطة الفلسطينية عن المعركة أنه استخدمت "المروحيات الحربية لإطلاق قذائف (تو) على هذه المنطقة الكثيفة السكان... مدافع مضادة للطائرات قادرة على إطلاق ثلاثة آلاف قذيفة في الدقيقة... وعشرات الدبابات والمركبات المدرعة المزوّدة بمدافع رشاشة… [و] جرافات بلدوزر لهدم المنازل وشق ممرات واسعة"،وتشير مصادر أخرى إلى الاستخدام الواسع النطاق للجرافات المدرعة والمروحيات الحربية يومي 9 و10 أبريل/نيسان،وعلى الأرجح حتى بعد أن بدأ القتال يهدأ،وخلال هذه المرحلة حدث معظم الضرر المادي ولا سيما في حارة الحواشين في وسط المخيم التي سوِّيت بالأرض عمليا،ودمِّر تماما الكثير من المساكن المدنية وأصيب عدد أكبر بأضرار بالغة،كما أصيب بأضرار شديدة عدد من المرافق التابعة(الاونروا)في المخيم بما في ذلك مركزها الصحي ومكتب الصرف الصحي.

وفي غضون يومين بعد 9 أبريل/نيسان أخضعت القوات (الصهيونية)المخيم وهزمت ما تبقى فيه من عناصر مسلحة،وفي 11 أبريل/نيسان استسلم آخر المقاتلين الفلسطينيين في مخيم جنين لقوات جيش الدفاع (الصهيوني)بعد أن طلبوا وساطة منظمة "بتسالم"، وهي إحدى منظمات حقوق الإنسان (الصهيونية)التي تعمل في الأرض الفلسطينية المحتلة،لضمان عدم تعرضهم لأي أذى،ووفقا لمصادر السلطة الفلسطينية،كان من بين مَن استسلموا عدد من قيادات الجهاد الإسلامي وفتح المطلوبين وكذلك ثلاثة أشخاص مصابين وولد عمره 13 سنة.

 

انتهاء التوغل(الصهيوني) وعواقبه، 11 أبريل/نيسان – 7 مايو/أيار 2002م
 بينما اقترب توغل جيش الدفاع (الصهيوني)في جنين من نهايته برزت طائفة من المشاكل الإنسانية،أو ازدادت سوءا،بالنسبة لأربعة آلاف من المدنيين الفلسطينيين ممن بقوا في المخيم،وتمثلت أولى هذه المشاكل في التأخير المطوّل في الحصول على الرعاية الطبية للجرحى والمرضى داخل المخيم،وعندما بدأت حدة القتال تنحسر،منع جيش الدفاع (الصهيوني)سيارات الإسعاف وأفراد الأطقم الطبية من الوصول إلى الجرحى داخل المخيم على الرغم من المناشدات المتكررة الموجهة إليه بتسهيل مرور سيارات الإسعاف ومندوبي المنظمات الإنسانية بمن فيهم مندوبو الأمم المتحدة. وعلى مدى الفترة من 11 إلى 15 أبريل/نيسان قدمت الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية الأخرى التماسات إلى جيش الدفاع (الصهيوني)وتفاوضت معه من أجل تمكينها من دخول المخيم وبذلت محاولات كثيرة لإرسال قوافلها،دونما طائل،وأُبلغ مسؤولو الأمم المتحدة الذين زاروا قيادة جيش الدفاع (الصهيوني)في 12 أبريل/نيسان بأنه سيسمح لموظفي المساعدة الإنسانية التابعين للأمم المتحدة بالوصول إلى السكان المتضررين،غير أن هذه الإمكانية لم تتحقق على أرض الواقع ولم تسفر عدة أيام من التفاوض مع كبار المسؤولين في جيش الدفاع (الصهيوني)وموظفي وزارة الدفاع(الصهيوني)عن تأمين إمكانية الوصول الضروري رغم ما قدموه من تأكيدات مخالفة لذلك،وفي 18 أبريل/نيسان انتقد كبار موظفي الأمم المتحدة بشدة "إسرائيل" للطريقة التي تعالج بها وصول المساعدة الإنسانية في أعقاب المعركة،وخاصة رفضها تسهيل إمكانية الوصول الكامل والآمن إلى السكان المتضررين،منتهكة التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي.

وجهزت(الاونروا)عملية كبيرة لإيصال الأغذية والإمدادات الطبية للاجئين المعوزين الذين كانوا قد فروا من المخيم،وإلى مستشفى جنين،غير أنه لم يسمح لها بدخول المخيم،وزاد حدة الأزمة الإنسانية تفاقما قيام جيش الدفاع (الصهيوني)منذ أول يوم من أيام الهجوم بقطع التيار الكهربائي عن المدينة والمخي،ولم يُستعد التيار الكهربائي إلا في 21 أبريل/نيسان.

وتضمنت العديد من تقارير جماعات حقوق الإنسان روايات عن انتظار مدنيين جرحى عدة أيام من أجل الحصول على المساعدة الطبية، وعن رفض الجنود (الصهاينة) إتاحة حصولهم على العلاج الطبي،وفي بعض الحالات توفي أناس نتيجة لهذه التأخيرات. وبالإضافة إلى الأشخاص الذين أصيبوا بجراح في أثناء القتال،عانى أيضا سكان مدنيون في المخيم وفي المدينة من نقص الدواء وتأخر الحصول على العلاج الطبي للحالات التي كانوا يعانون منها قبل العملية العسكرية،وعلى سبيل المثال أفيد في 4 أبريل/نيسان بأن 28 مريضا بالكلى في جنين عجزوا عن الوصول إلى المستشفى لعمل الغسيل الكلوي.

وبدا أن تشغيل مستشفى جنين الذي يقع خارج المخيم مباشرة قد تعرّض لإرباك خطير من جراء عمليات جيش الدفاع (الصهيوني)بالرغم مما جاء في بيانات الجيش بأن "المستشفى لم يمسّه شيء"،فقد تأثرت بشدة إمدادات المستشفى من الكهرباء والمياه والأوكسجين والدم بسبب القتال وما تلاه من انقطاع في الخدمات،وفي 4 أبريل/نيسان أمر جيش الدفاع الإسرائيلي جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن توقف عملياتها وأغلق أبواب المستشفى،وأفاد العاملون بالمستشفى بأن القذائف والأعيرة النارية أصابت المعدات بأضرار جسيمة في الطابق العلوي بالمستشفى،وأن مريضين على الأقل قضَيَا بسبب الضرر الذي لحق بإمدادات الأوكسجين،ولم يسمح لأي من الفلسطينيين الموجودين بالمستشفى بمغادرته حتى 15 أبريل/نيسان.

ويبدو أنه بالإضافة إلى منع وصول الإسعاف،استهدف جيش الدفاع (الصهيوني) في بعض الحالات أفراد الأطقم الطبية. ففي 4 مارس/آذار قبل التوغل في جنين قُتل رئيس خدمات الطوارئ الطبية التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني في جنين بقذيفة أطلقتها دبابة (صهيونية) على سيارة الإسعاف التي كان يستقلها والتي كانت تحمل العلامة الواضحة لسيارات الإسعاف،وفي 7 مارس/آذار قتل موظف في الأونروا عندما أطلق جنود (صهاينة)عدة عيارات نارية على سيارات إسعاف تابعة (الاونروا) كان يستقلها بالقرب من طولكرم بالضفة الغربية،وفي 3 أبريل/نيسان أفيد بأن ممرضة فلسطينية تعرضت لإطلاق النار داخل مخيم جنين من جانب جيش الدفاع (الصهيوني) رغم أنها كانت ترتدي زي الممرضات،وفي 8 أبريل/نيسان أطلقت النيران على سيارة إسعاف تابعة (الاونروا) أثناء محاولتها الوصول إلى رجل جريح في جنين.

”وقد دأبت حكومة "إسرائيل" على توجيه اتهام مؤداه أن المركبات الطبية تستخدم لنقل الإرهابيين”

وقد دأبت حكومة "إسرائيل" على توجيه اتهام مؤداه أن المركبات الطبية تستخدم لنقل الإرهابيين،وأن المباني الطبية تستخدم لتوفير الملجأ لهم،واستلزم ذلك،وفق ما أعلنته "إسرائيل"،إخضاع إيصال المساعدة الإنسانية لقيود صارمة،كذلك فإنه في حالة مخيم جنين بالذات عزا المتحدثون باسم جيش الدفاع(الصهيوني) هذا المنع إلى ضرورة تطهير المخيم من الألغام المفخخة بعد أن خفّت حدة القتال. وقال متحدث أيضا "إن الفلسطينيين يرفضون في واقع الأمر عروضنا بتقديم المساعدة الإنسانية لهم" وإن "أي شخص يحتاج إلى المساعدة يحصل عليها".

وثمة توافق في الرأي بين موظفي المساعدة الإنسانية الذين كانوا موجودين في الميدان بأن التأخيرات عرّضت للخطر حياة كثير من الجرحى والمرضى داخل المخيم،ومع أن موظفي الأمم المتحدة وغيرهم من موظفي المساعدة الإنسانية عرضوا الامتثال الكامل لإجراءات التفتيش الأمني لجيش الدفاع(الصهيوني)عند دخول المخيم ومغادرته،فإنهم لم يستطيعوا دخول المخيم على هذا الأساس،وعلاوة على ذلك أفاد موظفو الأمم المتحدة بأن جيش الدفاع (الصهيوني)سمح لبعض الصحفيين(الصهاينة) بدخول المخيم بمرافقة الجيش في 14 أبريل/نيسان،وذلك قبل أن يسمح بذلك لأفراد المساعدة الإنسانية،وطلب موظفو الأمم المتحدة مرافقة مماثلة من الجيش لدخول المخيم من أجل تقييم الحالة الإنسانية لسكانه،غير أنهم لم يفلحوا في ذلك رغم التأكيدات التي قدمها لهم كبار المسؤولين في جيش الدفاع(الصهيوني) بإمكانية كفالة هذا الدخول.

وفي 15 أبريل/نيسان، وبعد 12 يوما من بدء العملية العسكرية،سمح جيش الدفاع (الصهيوني)لأفراد وكالات إنسانية بالدخول إلى مخيم اللاجئين في جنين،وسمح لجمعية الهلال الأحمر الفلسطينية ولجنة الصليب الأحمر الدولية بدخول المخيم بمرافقة عسكرية،لكنهم أفادوا بأن تحركاتهم كانت مقيدة بشدة وقصرت على مناطق بعينها وأن وجود كميات كبيرة من الذخائر التي لم تنفجر بما في ذلك الشراك الخداعية والألغام المفخخة زاد من تقييد هذه التحركات،لذا فإنهم بعد أن قاموا بإخلاء سبع جثث فقط اضطروا إلى التخلي عن جهودهم، وحيل أيضا دون قيام فريق تابع للأمم المتحدة برفقته سيارتا نقل تحملان مياها وإمدادات بتفريغ حمولتيهما واضطر أيضا إلى الانسحاب،ولم يبدأ توزيع مؤن الإمدادات على سكان المخيم إلا في اليوم التالي 16 أبريل/نيسان،وكان النقص الحاد في الغذاء والماء واضحا بجلاء،وبدأ موظفو المساعدة الإنسانية توجيه نداءات من أجل توفير جهود متخصصة للبحث والإنقاذ في إخراج الجرحى والموتى من تحت الأنقاض.

وما أن سمح جيش الدفاع (الصهيوني)في 15 أبريل/ نيسان بالدخول غير المقيّد إلى المخيم،حتى عوقت الذخائر غير المنفجرة قيام موظفي المساعدة الإنسانية بعملياتهم بشكل آمن،وقد أفادت وكالات المساعدة الإنسانية غير التابعة للأمم المتحدة عن وجود كميات كبيرة من الذخيرة غير المنفجرة -المتفجرات التي زرعها المقاتلون الفلسطينيون والذخائر التي أطلقها جيش الدفاع (الصهيوني)تبطئ من عملهم،هذا وقد استمرت لعدة أسابيع المفاوضات بين الأمم المتحدة والوكالات الدولية من جهة وجيش الدفاع (الصهيوني)من جهة أخرى لجلب المعدات الملائمة والأفراد المناسبين إلى المخيم لإزالة الذخائر غير المنفجرة،وخلال هذه الفترة قُتل على الأقل فلسطينيان في حوادث انفجارات.

 


https://palcamps.net/ar/camp/12