☰ قائمة المخيمات

معلومات إضافية


مخيم العروب "ينتشل" ذاكرة النكبة إلى واقع أكثر مرارة

  فيحاء شلش 

تحرص أم حمزة بين الحين والآخر على مسح الغبار عن قنديلين صغيرين تحتفظ بهما على رف عالٍ في منزلها داخل مخيم العروب شمال مدينة الخليل بالضفة المحتلة، فربما هُما ما تبقى لها من ذكرى التهجير المريرة التي مرت بها عائلتها؛ إلى جانب كومة من الحكايات التي كانت تخبرها بها أمها.

ورغم أنها لم تر يوما قريتها الصغيرة "عجّور" الواقعة شمال غرب الخليل التي تعرضت كباقي القرى الفلسطينية عام 1948 للاحتلال بعد طرد أهلها؛ إلا أنها تحلم برؤيتها ولو لمرة واحدة،فوجع النكبة لم يسقط عن أجيال جديدة لا تعرف قراها المهجرة إلا عن طريق الصور وقصص الأجداد.


أما حكاية القنديلين فكما تخبرنا بها السيدة أم حمزة جوابرة بدأت حين تعرضت عائلتها للتهجير في تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 1948م،حيث كانا ضمن الممتلكات البسيطة التي حملها جدها كي تنير لهم عتمة الطريق وهم تحت نيران الاحتلال وإجرام عصاباته.

وتضيف "أمي كانت صغيرة حين تم ترحيلهم ولكنها كانت تستذكر بعض ما حدث، وأخبرتنا بأن عائلتنا كانت تعيش في أمان في عجور ولديها من الماشية أغنام وأبقار وتملك مساحات زراعية،وفجأة تعرضت القرية للهجوم من عصابات الاحتلال وتحت إطلاق النار الكثيف اضطر الأهالي للخروج من منازلهم تاركين القمح في الطواحين وفي مخازنه،كما تركت النسوة مصاغهن الذهبي ولم يأخذ أحد من أهل القرية شيئا معه".

 أهالي القرية وكما كل القرى ظنوا أن الرحيل لمجرد بضعة أيام ريتما تهدأ هجمة الاحتلال؛ ليفاجؤوا بنقلهم من مكان إلى آخر وتجهيز مخيمات لجوء لهم في مختلف المناطق.


وتبين أم حمزة أن عائلتها لجأت إلى منطقة شمال الخليل كونها الأقرب عليها،وبعد فترة بدأت جهات دولية تؤسس لإقامة مخيم العروب كي يحتوي مئات المهاجرين من قرى عدة أبرزها عجور.


وتتابع: "أخبرتني أمي كذلك بأنهم حين خرجوا من القرية كانوا يمرون بآبار مياه،حتى إذا فتحوها لأجل الشرب وجدوا فيها جثثا لشبان فلسطينيين قتلتهم العصابات بعد مطاردتهم،وهذا كان أقسى مشهد يمر عليهم خلال التهجير".


وخلال عملية الطرد الممنهجة فُقد الكثير من الشبان والأطفال،حيث تروي أم حمزة عن إحدى جاراتها في المخيم بأن طفلها فُقد خلال النكبة ولا تعرف عنه شيئا هل ميت هو أم حي،حيث كان الاحتلال يخفي جثث مئات الفلسطينيين الذين قتلهم بعد طردهم من أراضيهم ويأسر أعدادا منهم ولم يفصح عن مصيرهم رغم مرور 71 عاما على جريمته.


الأمل ما زال موجودا رغم مرور هذه العقود الطويلة؛ فوالد أم حمزة كان يخبر أبناءه دائما بأوصاف منزلهم الصغير الذي يتميز بوجود شجرة كبيرة زرعت على مدخله حتى إذا عادوا إليه عرفوه! ولكنهم كانوا يقولون إنه بعد كل هذه السنين لن يتذكر منزله،فيرد قائلا: "حتى لو بعد مليون سنة ستبقى صورته في ذاكرتي"!

واقع قاسٍ:

بعد حكاية اللجوء المريرة وحين استقر أهالي عدة قرى في مخيم العروب ظانين أنها منازل مؤقتة ولكنها بقيت منذ 71 عاما؛ أصبح واقع قاسٍ من نوع آخر ينتظر الأهالي،فأم حمزة استشهد نجلها عمر قبل ثلاث سنوات برصاص الاحتلال واعتُقل نجلها الثاني خضر.

وتقول: "نعيش في هذا المخيم حياة لا تشبه الحياة في أي شيء،فالوضع المزري للمنازل وتراصها بجانب بعضها وقلة الخدمات أو انعدامها كل ذلك يجعل حلم العودة أكبر في قلوبنا،وفوق كل شيء يقوم الاحتلال بانتهاك حرياتنا والاعتداء علينا وقتل أبنائنا".

أما عجور فبقيت في القلب؛ فرغم ما تعرضت له أم حمزة من ظلم وآلام إلا أنها حين تتوجه لزيارة نجلها الأسير في سجون الاحتلال تتلمس طريق قريةٍ تنحدر منها ولم ترها، فتنظر من نافذة الحافلة التي لا تستطيع النزول منها علها تجد أي معلمٍ أو إشارة تدل على منازل عائلتها ولكنها ترى المستوطنات ومنازل لا تشبه شكل فلسطين وُضعت مكانها.

مخيم العروب يقطنه الآن أكثر من 13 ألف فلسطيني يعيشون في بيوتٍ متلاصقة بُنيت على عجل حتى يتحقق حلم العودة، ولكن الواقع الحالي بات أصعب مما يتخيلون.

ويقول الصحفي الفلسطيني والناشط في المخيم ثائر الشريف  إن "سكان العروب يعانون من انعدام الخدمات الحياتية الرئيسية كانقطاع المياه صيفا والكهرباء شتاء والشوارع غير المعبدة بين أحيائه،إضافة إلى انعدام وجود مؤسسات شبابية أو أخرى تهتم بالأطفال وتحتويهم، وكذلك لا توجد مؤسسات نسوية فاعلة".

ولم يكن جّدّي ليعلمَ بأن هناك أجيالاً حملوا حقَّ العودة بدمائهم وأجسادهم، وجزءٌ منهم دخلوا السجنَ عنوةً للدفاعِ عنه. كان يجلس دائمًا على عتبةِ بيته وينتظرُ الأطفال يأتوه ويشكلوا حلقةً حوله ليُحدِثَهم عن ذكرياته وعن بياراته وأراضيه، يريدُ أن يجعلهم في حاضرةِ الذاكرةِ الفلسطينية، كان يعلمُ جيِّدًا بأن الاحتلالَ سيعصف بأذهانهم مع مرورِ الوقت، لذا رأى من الضروري أن يُحدثهم لبعض الشيء عن هذا الحق، ليحفظوه كما حفظ غار حراء سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام برفقة الصحابي أبا بكر الصديق. فحقُ العودة لا يسقطُ بالتقادم، فلا يزالُ يُروى بدماء الشهداء. 

عربي 21 arabi21.com

 

مخيم العروب.. سطور مجد كتبت بدماء أقمارهِ الشهداء

  سامح الطيطي

أَنَا الَّذِي وُلِدَ فِي خَيْمَةِ اللُّجُوءِ، أَنَا الَّذِي صَنَعْتُ مِنْ طُوبِ بَيْتِي سُقُفًا لِأَحْلَامِي، أَنَا لَمْ أَكُنْ أُرِيدُ إِلَّا المُكُوثَ فِي مَحَطَّةِ الاِنْتِظَارِ لِحِينِ وُصُولِ قِطَارِ العَوْدَةِ. تَابَعْتُ كِتَابَاتِي لِأَرْوِيَ قِصَصًا رَأَيْتُهَا بِأُمِّ عَيْنَي، بَدَأْتُهَا فِي اِسْتِشْهَادِ الفُؤَادِ.. وَمَا أَنْ أَكْتَمِلَ اللَّيْلُ حَتَّى حَمَّلَتْ السَّمَاءُ البَدْرَ عَالِيًا، سَمِعَتْهُمْ يَقُولُونَ عَنْ عَزِيزٍ مُحَمَّدٍ، بُطْلُ جِبَالِ سعِيرٍ، سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ بِأَنْ ذَخِيرَتُهُ خَانَتْهُ بَعْدَ سَبْعِ سَاعَاتِ من المُوَاجَهَةٍ وَأَكْثَر، وَلَمْ تُحْسَمْ هَذِهِ المُوَاجَهَةُ إِلَّا بِسِلَاحِ الطَّيَرَانِ. طَائِرَةٌ صِهْيُونِيَّةٌ ذَاتُ صَنَعَ أَمْرَيْكِي أَطْلَقَتْ صَارُوخُهَا صَوْبَ المحمد لِيَكُونَ أَسَدُ الكَتَائِبَ فِي الخَلِيل.

بَقِيتُ أَقُصَّ بِقَلَمِي قِصَصًا لِهُمْ، وَمَا أَنْ أَقُومَ بِوَضْعِ نُقْطَةٍ لِنِهَايَةِ حِكَايَتِهِمْ فِي دَرْبِ هَذَا المُخَيَّمِ، حَتَّى تَتَجَدَّدُ سَاحَةُ الاِشْتِبَاكِ مِنْ جَدِيد، كُنْتُ حِينَهَا شَاهِدًا عَلَى الدَّبَّابَاتِ والمجنزرات وَحَظْرِ التَّجَوُّلِ فِي المُخَيَّمِ، عَتَبَاتُ المَحَالِّ التِّجَارِيَّةِ تَكَسَّرَتْ لِضِيقِ شَوَارِعِ المُخَيَّمِ، وَكَانَ هُنَاكَ شَابٌّ يُرَاقِبُ الجُنُودَ فِي الحَارَاتِ العُلْوِيَّةَ، بِالمُقَابِلِ ضَابِطٌ صهيونيٌ يَهْوَى القَتْلَ وَالقَنْصَ، وَفِي لَحْظَةِ رَفْعِ التَّجَوُّلِ رَفْعَ سِلَاحَهُ صَوْبَ العلاء وَأَرْدَاهُ شَهِيدًا. وَفِي الشَّارِعِ المُقَابِلِ كَانَ الخَالِدُ يُشْعِلُ فَتِيلَ المُوَاجَهَةِ بِنِيرَانِ زُجَاجَاتِهِ الحَارِقَةِ، كَيْفَ لَا، وَهُوَ مَنْ أَدْخَلَ هَذِهِ الثَّقَافَةُ عَلَى أَجْيَالِ المُخَيَّمِ، اُسْتُشْهِدَ خَالِدُ لَكِنَّ ثَقَافَتُهُ وَصَلَتْ لِثَائِرِ حلايقة وَخَالِدُ جوابرة وَمُرَادٌ أَبُو غَازِي وَمِئَاتُ الأَسْرَى مِمَّنْ اِحْتَوَتْ بُنُودُ لَائِحَةُ الاِتِّهَامِ عَلَى هَذِهِ الثَّقَافَةِ.

سَنَوَاتٌ وَالهُدُوءُ عَمَّ سَمَاءِ المُخَيَّمِ، غَابَتْ عَبِقُ الشَّهَادَةِ عَنْ حِوَارَيْهِ، بَدَأَ هَذَا المُخَيَّمُ أَكْثَرَ جِدِّيَّةٍ مِنْ ذِي قَبْل، كُنْتُ أُتَابِعُ عَامَ أَلْفَيْنِ وَثَلَاثَةَ عَشْرَ، وَكَأَنَّهُ عَامَ اِنْتِفَاضَةٍ وَتَحَوُّلٍ لِلمَشْهَدِ المُقَاوِمِ عُنْوَانِهِ مُخَيَّمِ العروب، شَمَالَ الخَلِيلِ. ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَهَذَا المُخَيّمُ يَحْمِلُ قَضِيَّةَ اللَّاجِئِينَ وَحَقَّ العَوْدَةِ فِي وَقْتِ التَّخَاذُلِ وَالتَّنَازُلِ. هَذِهِ السَّنَوَاتِ تَبَعهَا عامٌ كامل وَفِي شَهْرِ رَمَضَان وَعَلَى أَعْتَابِ العِيدِ، قَهْرٌ وَعَرْبَدَةٌ مُتَوَاصِلَةٌ وَاِنْتِهَاكٌ لِلبَشَرِ لَا يَتَوَقَّفْ، جَيْشٌ يَتَلَذَّذُ بِعَرْقَلَةِ حَرَكَةِ المُوَاطِنِينَ عَلَى هَذِهِ البَوَّابَة، يَتَجَوَّلُ بَيْنَ البُيُوتِ المُجَاوِرَةِ لِلشَّارِعِ الرَّئِيسِيِّ، وَكَانَ هُنَاكَ عِيدٌ أَرْدَا أَحَدُهُمْ عَلَى الأَرْضِ لَا يُقَوِّ عَلَى المُجَابَهَةِ.. لَكِنْ العِيدُ لَمْ يَمْلِكْ سِلَاحًا، بَلْ مَلْكَ سَاعِدَهُ مُقَابِلَ ثَلَاثُونَ رَصَاصَةٍ وَأَكْثَرَ حَتَّى اِرْتَقَى شَهِيدًا عَلَى وَجْهِ مِدْفَعِ الإِفْطَارِ فِي رَمَضَانَ.

 أُذَكِّرُ جَيِّدًا خِلَالَ عَامَيْ أَلْفَيْنِ وَاِثْنَيْنِ إِلَى أَلْفَيْنِ وَسَبْعَةٍ كَانَتْ الشَّهَادَةُ مَطْلَبًا لِلجَمِيعِ. كَانَ المُخَيَّمُ فِي كُلِّ فَتْرَةٍ قَصِيرَةٍ يَفْتَحُ بَيْتًا لِعِرَسِ الشَّهَادَةِ، وَكَذَا الحَالِ مِنْ عَامِ أَلْفَيْنِ وَأَرْبَعَةٌ عَشْرٌ حَتَّى عَامِ أَلْفَيْنِ وَسَبْعَةٌ عَشْرٌ. لَكِنَّ فِي هَذِهِ الأَعْوَامَ وَدَعْنَا أَطْفَالًا وَشَبَابًا وَرِجَالًا كَانُوا قَدْ وَصَلَّوْ لِبَرِّ الأَمَانِ بِحَقِّ العَوْدَةِ، لَكِنْ هَذَا الحَقُّ يَحْتَاجُ للتَّضْحِيَةِ وَالفِدَاءِ.

 

عَادَ المُخَيَّمُ لِيَنْعَمَ بِالهُدُوءِ.. هُدُوءٌ مَا قَبْلَ العَاصِفَةِ، أَشْهُرٌ مَضَتْ وَتَمْضِي وَحَمَلَتْ بِرُكَبِهَا الطِّفْلُ الثَّائِرُ ذُو الخَمْسَةَ عَشْرَ عَامًا، مُرَادُ أَبُو غَازِي، وَهُوَ حَامِلًا لِزُجَاجَتِهِ الحَارِقَةِ، وَاُسْتُشْهِدَ عَلَى الفَوْرِ
 فَالمُخَيَّمُ بِجَانِبِ حَقِّهِ الأَسَاسِيّ يَقِفُ مَعَ الشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ فِي مُطَالَبَةٍ وَحُقُوقِهِ وَكَذَلِكَ اِنْتِفَاضَاتِهُ، فَعَامُ أَلْفَيْنِ وَأَرْبَعَة عشر، وخمسة عَشْرٌ، وَسِتَّةٌ عَشْرٌ، وَسَبْعَةٌ عَشْرٌ، حَمَلْنَا عَلَى الأَكُفِّ مُحَمَّد عِمَاد.. ذُو الْكُوفِيَّةِ الحَمْرَاءِ المُجَابَهَةِ لِلعَدُوِّ، النِّدِّ لِلنِّدِّ، وَكَذَا الحَالُ خَالِد جوابرة.. ذُو الرُّوحِ الثَّائِرَةِ لِحَرَائِرِ الوَطَنِ اللّوَاتِي اِسْتَشْهَدْنَ عَلَى حَوَاجِزِ الاِحْتِلَالِ، وَذَاكَ الطِّفْلُ بِجِسْمِهِ وَالأَسَدُ بِفِعْلِهِ، عَمَّرَ مَاضِي.. وَالَّذِي حَفِظَ عَهْدًا مِنْ القُرْأنِ بِأَنَّ المَوْتَ فِي سَبِيلِ اللهِ اِسْمِى الأَمَانِي، لِيَكُونَ عَلَى مُعَسْكَرٍ لِلاِحْتِلَالِ مواجهاً لِهُمْ بِحَجَرِهِ وَلِثَامِهِ.

 وَكَانَ هُنَاكَ شَيْخٌ يَمْضِي فِي كُلِّ مَرَّةٍ بِجَانِبِيَّ يَطْرَحُ عَلَيَّ السَّلَام، لَكِنَّ فِي الوَقْتِ الَّذِي رَدَدْتُ إِلَيْهُ تَحِيَّةَ الإِسْلَامِ كَانَ قَدْ وَصَلَ بِخُطُوَاتِهِ لِلمَدْخَلِ الرَّئِيسِ وَنَفَذَ عَمَلِيَّةَ طَعْنٍ لِجُنُودِ الاِحْتِلَالِ، وَاُسْتُشْهِدَ عَلَى الفَوْرِ، هَذَا الشَّيْخُ إِبْرَاهِيمُ براذعية.. أَمَّا شَقِيقُهُ مُصْطَفَى المُعَلِّمُ وَالثَّائِرُ وَالمُرَبَّي للأجيال.. لَمْ يَتَوَانَى عَنْ الثَّأْرِ لِأَخِيهِ بِذَاتِ الطَّرِيقَةِ وَحِينَ اِسْتِشْهَادِهِ اِحْتَجَزَ الاِحْتِلَالُ جُثْمَانَهُ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٌ مُتَوَاصِلَة فِي ثَلَّاجَاتِهِ.

عَادَ المُخَيَّمُ لِيَنْعَمَ بِالهُدُوءِ.. هُدُوءٌ مَا قَبْلَ العَاصِفَةِ، أَشْهُرٌ مَضَتْ وَتَمْضِي وَحَمَلَتْ بِرُكَبِهَا الطِّفْلُ الثَّائِرُ ذُو الخَمْسَةَ عَشْرَ عَامًا، مُرَادُ أَبُو غَازِي، وَهُوَ حَامِلًا لِزُجَاجَتِهِ الحَارِقَةِ، وَاُسْتُشْهِدَ عَلَى الفَوْرِ، أُذَكِّرُ جَيِّدًا جَسَدُهُ النَّحِيفُ كَيْفَ صَارَ مُلَطَّخًا بِدِمَائِهِ فِي ثَوَانٍ مَعْدُودَةٍ، خَمْسُ رَصَاصَاتٍ وَأَكْثَرَ كَانَتْ أَطْوَلَ مِنْ عَمَّرَهِ، وَأَقْوَى مِنْ جَسَدِهِ، لَكِنَّهُ وَاجَهَهُمْ بِرُوحِهِ الثَّائِرَةِ وَلَمْ يَتَرَيَّثْ لِشَيْءٍ آخَرَ.

هَذِهِ هِيَ قِصَّةُ المُخَيَّمِ مَعَ شُهَدَائِهِ الَّذِينَ كَانُوا عُنْوَانًا لِمَحَطَّةِ الاِنْتِظَارِ، مُخَيَّمٌ سَيَحْمِلُ صُوَرَهِمْ مَعَهُ حِينَ عَوْدَتُهِ لِدِيَارِهِ المُحْتَلَّةِ عَامَ ثَمَانِيَةِ وَأَرْبَعِينَ، خَمْسُونَ شَهِيدًا وَأَكْثَرَ قَدَمُهِمْ هَذِا المُخَيَّمُ عَلَى مَذْبَحِ الحُرِّيَّةِ، وَكُنْتُ قَدْ رَوَيْتُ قِصَصًا لِمَنْ وَأَكْبِتُهُمْ فِي هَذَا المُخَيَّمِ. وَالبَاقِيَ حُفْرَتُ أَسْمَاؤُهُمْ فِي سِجِلَّاتِ التَّارِيخِ لِصُمُودِ هَذَا المُخَيَّمِ. مُخَيَّمُ العروب. قِلَعةُ السَّاجِدِينَ وَقِبْلَةُ الأَحْرَارِ وَصانعُ المَجْدِ.

مدونات الجزيرة www.aljazeera.net

 


https://palcamps.net/ar/camp/20