- عفيف غطاشة
- أحمد أبو عواد
- عبد الجواد سلمي
- نعمان ابو ربيع
- أكرم ابو هشهش
- محمد الطيطي
- أحمد رصرص
- سائدة الطيطي
- عائدة الحموز
- يونس ابو عجمية
- أحمد النجار
- أحمد أبو هشهش
- أحمد أبو ربيع
محمود غنايم.. قصة المعاناة في اللجوء الفلسطيني
يعيش أكثر من ستة ملايين فلسطيني منذ ما يزيد عن نصف قرن تجربة مريرة مع اللجوء القسري الذي بدأ في العام 1948 حيث تذوقوا عذابه وعاشوا ولازالوا يعيشون المعاناة بكل فصولها إما في مخيمات اللاجئين أو في المهجر.
الجزيرة نت زارات مخيم الفوار للاجئين الفلسطينيين جنوب مدينة الخليل, والتقت بالحاج محمود غنايم الحموز الذي بلغ العقد السابع من العمر, ليتحدث بمرارة في ساحة منزله الذي بنته له وكالة الغوث قبل نحو خمسين عاما عن رحلة اللجوء وذكرياته وآلامه وآماله.
![](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2004/10/1_115755_1_10.jpeg)
بلدة بيت جبرين تقع إلى الغرب من مدينة الخليل، وهناك كنت أسكن مع عائلتي في الحي الشرقي من البلدة، وكان الفقر هو السمة الغالبة حيث كنا نعمل في الفلاحة والزراعة فكان لدينا مزارع من العنب الرومي وأغنام وأبقار وكنا نزرع الحبوب كالقمح والشعير وغيرها كما هو الحال بالنسبة لغالبية السكان.
![](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2004/10/1_115755_1_10.jpeg)
كانت لنا أرض واسعة لدرجة أننا لم نكن نستطيع إحصاءها، فمثلا كان لكل واحد منا عدة جبال وسهول خاصة به ولم يكن هناك مساحة محددة، لكن في الطابو أذكر أننا كنا قد سجلنا نحو 1000 دونم مع أننا لم نكن نسجل المساحة الحقيقية خشية الملاحقة الضريبية.
أما بالنسبة لعدد السكان فكانوا نحو ثلاثة آلاف نسمة، ينتمون إلى أكثر من عشر عائلات، جميعهم كانوا يعملون في الزراعة والرعي وغير ذلك، والآن يعيشون منذ أكثر من نصف قرن حياة اللجوء والشتات في الداخل والخارج.
![](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2004/10/1_115755_1_10.jpeg)
كما قلت تركت الأرض والبيت وأطنانا من الحبوب التي كانت معدة للماشية ولم أحمل معي سوى الأشياء البسيطة وخفيفة الوزن مثل الكوشان (شهادة الميلاد) ومفتاح البيت الذي لا زلت وسأبقى أحتفظ به، ومطحنة القهوة والطابو وغيرها، وكباقي الناس أخذت معي الأغنام والأبقار والجمال التي كان يقدر عددها بأكثر من ستمائة رأس.
![](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2004/10/1_115755_1_10.jpeg)
كانت البلدة تتعرض للهجوم من قبل عصابات الهاغاناة في الليل، وكان الشباب من سكان البلدة يستعدون لها ويتصدون لمحاولات الاقتحام بما لديهم من أسلحة بسيطة حصلوا عليها من الجيش المصري والأردني، وكنا دائما نتوجه بواسطة "تراكتور" إلى منطقة باب واد علي حيث كنا نتوقع أن يبدأ الهجوم من هناك واستمر التمركز هناك عدة أشهر.
أما أسباب الرحيل فكان أهمها هجوم الطائرات في آخر ليلة عشناها في القرية حيث ألقت علينا أكثر من 160 صاروخا، كما أدت الأخبار والشائعات -التي وصلت عن باقي القرى وكيفية ذبح أهلها- بالناس إلى عدم التردد في الرحيل.
![](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2004/10/1_115755_1_10.jpeg)
معظم السكان غادروا البلدة، ولم يبق فيها إلا كبار السن الذين كان مصيرهم القتل والذبح وأنا أعرف خمسة على الأقل ممن ذبحوا وألقي بجثثهم في بئر للمياه. وبالنسبة للعصابات الصهيونية فكان لديها طائرات ومدافع وأسلحة كثيرة وقنابل وصواريخ حصلوا عليها من البريطانيين، لكن نحن لم يكن لدينا سوى البارودة.
![](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2004/10/1_115755_1_10.jpeg)
لجأنا إلى القرى المجاورة، وأقمنا في منطقة تدعى جمرورة قرب قرية ترقوميا غرب الخليل، وهناك أقمنا في المغر (الكهوف)، واخترنا تلك المنطقة كونها قريبة من بلدتنا الأصلية وعلى أمل العودة إليها في أقرب وقت ممكن، وبقي معنا هناك كل من لديهم أغنام وأبقار وكان من الصعب عليهم نقلها إلى مناطق أخرى، أما من كان حملهم خفيف فتشتتوا في داخل الضفة وخارجها. واستمر حالنا في جمرورة لمدة ثلاث سنوات.
![](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2004/10/1_115755_1_10.jpeg)
لم يكن لدينا في ذلك الوقت أية نقود، وكنا نتبادل اللبن والحليب، وأحضرت بعض المؤسسات الدولية لنا بعض المؤن القليلة، لكن المشكلة الكبرى التي كانت تواجهنا هي توفير الحبوب لعدد كبير من المواشي، فكنا أثناء الليل نضطر إلى العودة إلى بيت جبرين لنحضر الحبوب، وقد استشهد الكثير منا في هذه المحاولات حيث كانت العصابات اليهودية تقتل كل من تجده هناك وكل من يحاول التسلل وراء خط الهدنة.
![](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2004/10/1_115755_1_10.jpeg)
جميع اللاجئين توزعوا في الضفة الغربية والدول المجاورة، وبالنسبة لي كان لي خالة في حي تل الرميدة في الخليل وانتقلت للسكن عندها، وهناك سجلنا في وكالة الغوث وكنا نحصل على المؤمن من طحين وسكر وشاي وغير ذلك.
وفي عام 1953 أقامت وكالة الغوث مخيم الفوار للاجئين فانتقلنا للسكن فيه، وكنا في البداية نحو 4 آلاف نسمة من مختلف القرى والمدن المهجرة. وبقي المخيم عبارة عن بيوت بدائية مسقوفة بالزينكو حتى عام 1957 حين تم بناء بيوت صغيرة من الباطون والطوب.
![](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2004/10/1_115755_1_10.jpeg)
كان في المخيم ممثل للحكومة الأردنية يقوم بتسجيل هذه الأمور، إضافة إلى وجود المخاتير، حيث يقوم المختار بإجراء عقود القران وتسجيل المواليد والوفيات والشهادة في كثير من القضايا. وأنا كنت أحد هؤلاء المخاتير ومسؤولا عن القضايا التي تتعلق باللاجئين من بلدة جبرين مقابل أجرة بسيطة.
![](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2004/10/1_115755_1_10.jpeg)
عانينا من مشاكل كثيرة أبرزها انتشار الحشرات والقمل في البداية نتيجة لقلة مواد التنظيف، كما عانينا من نظرة المجتمع المحلي لنا وعدم احترامه للاجئين واتهامه لنا ببيع أرضنا والهروب منها. والآن نعاني من تهميش السلطة لنا وعدم إنصافنا في كثير من الأمور، إضافة إلى محاولات البعض لتسويق فكرة التنازل عن حق العودة.
![](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2004/10/1_115755_1_10.jpeg)
الحقيقة أن تجربة الاجتياحات كانت أصعب بكثير واستخدمت فيها كافة أنواع الأسلحة وسقط الكثير من الشهداء دون أن يؤثر ذلك على معنويات الناس، وأصدقك القول أن ما ذقناه وقت اللجوء لا يذكر بالنسبة لما ذقناه وقت الاجتياحات، ولو كنت أعلم بما سيحدث لنا لفضلت الموت على اللجوء.
![](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2004/10/1_115755_1_10.jpeg)
الحقيقة أن النفسيات تختلف عن بعضها، فهناك من يقبل بالتعويض ليس لأنه يحب المال بل لأنه فقد الأمل بالعودة نتيجة المواقف الرسمية المتخاذلة والتي تقدم التنازلات يوما بعد يوم. أما أنا وكذلك الغالبية من اللاجئين فإن حروف بيت جبرين محفورة في ذاكرتي، ولن أنسى أزقتها وحاراتها وآبار المياه فيها، ولن أقبل بديلا عن العودة إلى الحارة الشرقية مهما طال الانتظار، وإن لم أسعد بذلك في حياتي، فسيسعد أبنائي أو أحفادي به بعد الممات.
![](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2004/10/1_115755_1_10.jpeg)
بالتأكيد لا نقبل العيش دون التمسك بحق العودة، ولن نقبل أي حل لا يعيدنا إلى بلادنا ووطننا الأصلي، وهو حق كفلته لنا كافة المواثيق والأعراف والقوانين الدولية. ورغم الآلام التي تجرعناها ونتجرعها كل يوم فإن الأمل في الله كبير أن يعيدنا إلى أوطاننا، أما الأمل في الأشقاء والدول العربية والعالم فإنه مفقود.
![](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2004/10/1_115755_1_10.jpeg)
كانت المرة الأولى والأخيرة منذ اللجوء عام 1998 حين جاء أحد أبنائي زائرا من الأردن حيث طلب أن نأخذه إلى مسقط رأسه فذهبنا إلى هناك، وكانت اللحظات الصعبة هي أننا قمنا بدفع رسوم تعادل 4 دولارات مقابل الدخول إلى البلدة باعتبارها منطقة سياحية، ووجدنا القرية كما هي ولم يتغير عليها شيء، باستثناء المدرسة الوحيدة التي بنينها بأيدينا وجدنا ملعبها قد حول إلى مسبح. (1)
(1)الجزية نت: https://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2005/8/31/%D9%85%D8%AD%D9%85%D9%88%D8%AF-%D8%BA%D9%86%D8%A7%D9%8A%D9%85-%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%AC%D9%88%D8%A1