☰ قائمة المخيمات

تواريخ و أحداث


رحلة اللجوء الفلسطيني من فلسطين لأرض المخيم

 إن الحديث عن رحلة العذاب واللجوء يستقطب الكثيرين من أبناء المخيم، لعلهم يحاولون الاستمتاع بالحديث بذكرى أرض الوطن، لكن سرعان ما ينقلب الحديث للأحزان والأشجان والعذابات، التي تروى بالأزقة وساعات السمر المسائية، ليكملوا الحديث برؤية الوطن في منامهم، بعد أن عجز واقعهم عن العيش فيه.

 الحاجة "نعمة علي عبدالرحمن يحيى التي لم تعد تذكر تاريخ ميلادها، واستعاضت عنه بحسبة  جديدة لحياتها بعد اللجوء، بذكر أنها غادرت أرضها عام 1948م وهي تبلغ من العمر(16) عاماً، فها هي الحاجة البالغة من العمر ثمانين عاماً، تقف وسط سوق المخيم على"البسطة" تبيع الخضار، منذ وصولها لأرض المخيم عام 1967م حتى اللحظة التي نكتب فيها هذه الكلمات.

 وثيابها التي ما زالت تطرزها بطريقة الوطن، تحكي عروقها عن الأصل الذي خرجت منه، كعادة نساء الوطن اللاتي يعرّفن بأنفسهن وأصولهن من خلال تلك التطاريز المنقوشة على ثيابهن، والتي تخبرنا أنها من إحدى قرى قضاء القدس تسمى"خربة اللوز" .

  وتروي الحاجة "ستي أم حسني" كما يعرفها أهل السوق وتعرف هي نفسها،كيف هاجمت قوات الغدر (الصهيونية) والعصابات الإرهابية قريتها"خربة اللوز"، وقتلوا أهل القرية وشردوا من بقي حياً، وكل ذلك بسبب أن خالها الثائر"جابر أبو طبيخ" كما تقول، من سكان المخيم مع باقي المجاهدين، قاوموا المحتل، ورفضوا الخضوع وترك الأرض وتسليمها بدون مقاومة، مما أدى إلى تهجير القرية كلها، بعد أن لم تسلم دجاجات البيت و"خمها" من القتل والإبادة.

  وتبتسم الحاجة بتجاعيد وجهها الذي رسم الزمان عليه الحكايا، وهي تروي زيارتها لقريتها قبل "30" سنة، عندما زارت ابنتها المتزوجة، والمقيمة الآن بفلسطين في "كفر مالك"، حيث لم تستطع أن تمنع نفسها من استغلال زيارتها لرؤية قريتها، التي تقول إنها ما زالت تذكر شوارعها وبيوتها قبل أن تُهدم، وكل تفاصيلها من الشوارع وترتيب دور الحي ودكان الجيران، لتجدها بعد كل هذه السنين كيف أنّ الدواب والبقر والأغنام، حلت مكان أهل القرية، لترعى العشب والأشجار التي نمت وارتفعت على أنقاض البيوت المهدمة، التي ما تزال آثارها واضحة للعيان حتى الآن كما تقول.

  وتؤكد الحاجة "ستي أم حسني" أنها مستعدة للعودة لقريتها في أي لحظة يُسمح لها بذلك، كيف لا ولا تكاد ليلة تغيب عنها رؤية الدار، وأحلام القرية والعيش في الوطن في منامها، وهي ما زالت إلى الآن تحتفظ بكل "كواشين" الأرض ومفتاح الدار المهدمة منتظرة لحظة الرجوع، ولن تمنعها "البسطة" التي تملكها من الوصول لأرض عاشت روحها فيها "خيمة بأرضنا وسمك أحمر وبلاش خبز ما في مشكلة المهم نرجع" تقول الحاجة.

  وتعود الحاجة لترسم طريق اللجوء من "خربة اللوز" إلى "بيت لحم" ومنها لمخيم "عقبة الجبر"، لتحتفل بعامها الخامس والثلاثين إبان الحرب عام 1967م،والذي انتقلت عندها مع عائلتها للسكن في الأردن في مخيم الوحدات، وتروي لنا كيف استخدموا المساجد والمدارس للسكن، قبل أن تمنح الوحدة السكنية لها ولعائلتها في المخيم من قبل (الاونروا).

  وتؤكد الحاجة "ستي أم حسني" أن مالك أرض المخيم من "دار الحديد"، والذي تعرفه بـ "أبو أسامة" والذي أخبرها شخصياً قبل وفاته كيف أنه أجّر أرض المخيم للحكومة بمبلغ "3" دنانير شهرياً "عندما كان هذا المبلغ يتحدث" كما تقول، وتتمنى الحاجة لو أننا زرناها البارحة لنلتقي بزوجته "أم اسامة" التي ما زالت تاتي لشراء الخضار منها حتى اليوم.

 وتقف الحاجة شامخة خلف أكياس "المفتول" الذي تصنعه بنفسها، على بسطتها في وسط السوق،وهي تروي لنا تاريخ السوق، وكيف بدأ بـ"سطلات زينكو" عام 1967م،والذي أعادت بناءه "الوكالة" التي تولت تنظيفه في حينها،لينتقل "لأمانة عمان" التي تولت تنظيفه من قبل عمال النظافة التابعين لها،بعد أن فرضت عليهم إيجاراً للبسطة الواحدة يبلغ "250" ديناراً.

 ولا تنسى الحاجة عادة "الحرص" الذي يكتنف حديث أهالي المخيم عند الإجابة عن الاستفسارات المتعلقة بشهداء المخيم وأحداثه، لتؤكد أن هناك العديد من الشهداء على أرض فلسطين،من أهل المخيم ممن لا تذكر أسماءهم على وجه التحديد، وهي التي حفرت أقدامها أرض المخيم جيئة وذهاباً كل يوم إلى السوق دون انقطاع،حتى غدا السوق لوحة أبرز معالمه ابتسامتها، ونقوشات ثوبها التي ترفض تبديله بغيره، والتي تذكر المارين فيه كل يوم بحقهم التاريخي بأرض الوطن، ولا تضيف سوى ابتسامة الحرص مع الإعياء لتنهي الحديث عن الأحداث دون تفصيل.

 و"بعد أن أنهينا الحديث مودعين الحاجة "ستي ام حسني"، تاركينها لبسطتها التي ألفتها وغدت مسكنها بعد اللجوء، تخبرني من رافقتني أن "ليوم الأرض" المعروف في المخيم طقوساً ومراسم خاصة.

 السيدة "عزية محمود حسين لافي"، من قرية "دير الذبان" قضاء الخليل، ولدت عام 1951م بعد النكبة في "مخيم العروب"، الذي لجأت إليه عائلتها، بعد أن طردوا من أرضهم وبلدتهم "دير الذبان" في الخليل،إبان النكبة عام 1948م إلى منطقة "حلحول" قضاء الخليل،قبل أن يصلوا المخيم مسقط رأسها.

 وفي أثناء الحرب (الصهيونية) عام 1967م اضطرت العائلة للجوء والهجرة مرة أخرى، لكن هذه المرة خارج فلسطين، إلى لأردن وبالتحديد لمدينة إربد "قرية الحصن"، والتي غادرتها لتسكن مخيم الوحدات لمدة "أربع سنوات"،مع زوجها قريبها المحامي الذي يشاطرها اللجوء،الأستاذ "عبد الفتاح محمد لافي"،الذي كان يتولى الدفاع عن العديد من قضايا أهالي مخيم الوحدات في المحاكم الأردنية.

 حصلت السيدة "عزية لافي" على درجة الدبلوم في "التأهيل التربوي" أثناء عملها كمعلمة في مدارس (الاونروا)وتقول إن مدارس الأنروا في ذلك الوقت وغيرها من المدارس الحكومية في الأردن، كانت تعيّن المدرسين في المدارس على الشهادة الثانوية، لعدم توفر الكفاءات التي تحمل الشهادات الجامعية أو الدبلوم،وهي أحد هؤلاء الذين عينوا بالتدريس على شهاداتهم في الثانوية العامة، والتي كانت غير متوفرة لدى الكثيرين في ذلك الوقت.

 عملت السيدة "عزية لافي" مدرسة لدى(الاونروا) منذ عام 1976م حتى عام 1999م، عندما تقاعدت من العمل،بعد خدمة مقدارها (23) عاماً.

 وعند الحديث معها تلمح معايشتها الفعلية والنفسية التفصيلية مع أهالي المخيم وهمومهم،وهي التي ما زالت تسكن في المنطقة المجاورة لمخيم الوحدات،ويعرفها أهالي المخيم بالمعلمة، والذي لم تعد تجد بداً من زيارته بين الفينة والأخرى.

 

 السيدة "سعدية احمد هليل زيادة"، ولدت عام 1948م في قريتها "الفالوجة" قضاء "غزة"،قبل أشهر من أحداث النكبة التي دفعت بأهلها لمغادرة القرية إلى مدينة "الخليل"،وهي ما تزال رضيعة في أحضان أمها،لتسكن العائلة في "مخيم العروب"،قبل أن تغادره إثر الحرب عام 1967م في هجرتها الثانية،لمنطقة "الكرامة" في الأغوار الأردنية.

  وتروي السيدة "سعدية زيادة"، كيف أن أحداث "معركة الكرامة" عام 1968م اضطرت عائلتها للجوء والهجرة مرة ثالثة، من منطقة "الكرامة" أرض المعركة،للجوء والسكن في مخيم الوحدات،حيث درست اللغة العربية فيه أثناء عملها كمدرسة في مدارس(الاونروا)، وحصلت على درجة "البكالوريوس" في اللغة العربية بالانتساب من "الجامعة العربية" ببيروت.

 عملت السيدة "سعدية زيادة" مدرسة في الأونروا منذ عام 1968م حتى عام1997م، أي بواقع (30) عاماً قضت معظمها في مدارس مخيم الوحدات،وسكنت المخيم في الفترة ما بين (1970-1978)،قبل أن تغادره لتسكن في المناطق المجاورة للمخيم.

  السيد "محمود عيسى العوضات". مواليد 1948م في قرية "دير الذبان" قضاء الخليل،الذي يذكر شهر اللجوء الأول في تشرين الثاني من عام1949م، والذي انتقلت عائلته فيه بعد الهدنة مع الصهيونية من قريتهم "دير الذبان" إلى قرية "بتولا"، ليقيم فيها سنتين قبل أن ينتقل إلى "بيت لحم" ليسكن "مخيم عايدة"،الذي بقي فيه حتى عام 1955م لينتقل مرة أخرى لمخيم آخر في "أريحا" وهو"عين السلطان".

 أثناء الحرب عام 1967م وتحديداً في (8/6/1967) وهو اليوم الذي لا يستطيع نسيانه،هاجر وعائلته  خارج أرض فلسطين، إلى "مخيم سوف" في مدينة "جرش" الأردنية،ليمكث فيه شهرين قبل أن ينتقل بسبب الظروف الجوية السيئة جداً، من سيول وأمطار لم تستطع خيام اللجوء الصمود  أمامها،لينتقل المخيم بالكامل بمن فيه إلى "مخيم معدي" في "مثلث المصري" في الأغوار الأردنية.

  ولكن اللجوء عرف طريقه إليه، فلم يمكث في "مخيم معدي" سوى شهر،ليضطر مع عائلته للجوء الأخير إلى " مخيم الوحدات" في عمان، بعد القصف (الصهيوني) للفدائيين في منطقة الأغوار الأردنية التي يوجد فيها مخيمه قبل الأخير، وهو ما زال إلى الآن يسكن "مخيم الوحدات".

 

 السيد "خليل عيسى لافي"، ولد عام 1952م في "مخيم النويعمة"،لأسرته التي لجأت للمخيم بعد أحداث النكبة عام 1948، من قريتها "دير الذبان" قضاء "الخليل"، لتنتقل العائلة كلها أثناء الحرب الصهيونية عام 1967م على الأراضي الفلسطينية لمنطقة "مخيم الوحدات" بعمان في الأردن، عمل مدرساً في مدارس الأونروا في المخيم،وبعد التقاعد أنشأ أستوديو للتصوير في المخيم،حيث يعمل فيه إلى الآن،وهو ما يزال يسكن المخيم ويعمل فيه منذ ذلك الوقت حتى هذه اللحظة.

  ويصف السيد "خليل لافي" حال المخيم عند وصوله إليه، فيقول كان المخيم يتكون من وحدات سكنية مبنية من الطوب، مساحة الوحدة الواحدة فيه لا تتجاوز (100)م2،وبعض البيوت فقط في ذلك الوقت كانت لها تمديدات كهربائية وليست جميعها، أما المياه فكانت من خلال الحنفيات العمومية، ولم يكن هناك وسائل للصرف الصحي في المخيم نهائياً.[1]

[1] بحث يعنوان "دراسة حول مخيم الوحدات وظروف اللاجئين الفلسطينيين فيه ومدى تمسكهم بحق العودة لفلسطين" الباحثة بيان فخري عيسى عبد الله، دبلوم دراسات في اللاجئ


https://palcamps.net/ar/camp/36