تواريخ و أحداث


أحداث عصفت بالمخيم [1]

رغم ما عصف بالمخيم من أحداث إلى أنه مازال معطاءً يقدم الشهداء والجرحى والأسرى في سبيل قضيته وأمته الإسلامية، فصفة مخيم الشهداء لازمت المخيم منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية، فقد قدّم المخيم عشرات الشهداء والأسرى منهم شهداء عملية الخشنية التي نفذتها مجموعة فدائية من أربعة أشخاص، منهم ثلاثة من مخيم  السيدة زينب وهم الشهيد (علي حسين الوحش) من بلدة جب يوسف قضاء صفد، والشهيد( يوسف حمد) من عرب الزنغرية.

والشهيد( فاعور أحمد ذياب) من بلدة غوير أبو شوشة قضاء طبرية.

 قد كتب عن هذه العملية البطولية الكاتب السوري ممدوح عدوان في جريدة الجولان السورية، ذكر فيها بطولتهم في مقاومة العدو إضافة إلى زميلهم الشهيد شعبان شعبان من بلدة الجاعونة.

وعند الحديث عن مخيم السيدة زينب لا بد من المرور على ذكر الأسير المحرر الحاج شحادة حسين صالح الشملوني وذكرياته الأليمة في سجون الاحتلال الصهيوني.

و ننقل هذا اللقاء الذي أجرته معه مجلة العودة[2]:

الأسير المحرر الحاج شحادة حسين صالح الشملوني:


إن لم يكن أسري من أجل حق العودة فلماذا أسرت إذاً؟!
جمع الحاج شحادة الشملوني بين الأسر والإصابة واللجوء في تغريبات متعددة عاشها في أكثر من ثمانين سنة، فهو من مواليد عام 1928 في قرية خربة أبو زينة؛ إحدى القرى التي كان يعيش فيها أهالي عرب الشمالنة، حيث انتشرت هذه القرى على مسافات متفرقة من أراضيهم الواقعة جنوب شرق مدينة صفد، على الحدود الفلسطينية – السورية في قضاء صفد.


عن القرية والعشيرة
يقول الحاج أبو حسين: تبعد خربة أبو زينة 29 كم عن مدينة صفد، منها 23 كم معبّدة، و6 كم غير معبدة، وهي عبارة عن تلال ترتفع في بعض المناطق لتشكل مرتفعات جبلية، ومن ثم تنتهي بأراض سهلية وهي ذات مناخ معتدل صيفاً شتاء وأرضها خصبة، يرويها نهر الأردن الذي يخترق أقصى الطرف الشرقي لأراضي القرية من الشمال إلى الجنوب.

توجد في هذه الأراضي عدة أودية، يصبّ قسم منها في نهر الأردن، كوادي أبو لوزة ووادي أم العقارب، ويصبّ القسم الآخر في بحيرة طبرية وهي من الشرق إلى الغرب. ووادي المسلّخة، ويعرف أيضاً بوادي العُسّة وبأسماء أخرى في أجزائه المختلفة، ووادي الغلاي، وتكثر الينابيع في أراضي عرب الشمالنة، منها عين أبو زينة على بعد 3 كم من خربة أبو زينة، وعين الهادي، وعين عقيم، وعين الصفصافة، وكلها تقع في شمالها الشرقي، وتتوزع في باقي الجهات عيون لبؤة وأم قارة، وعين أبو لوزة.
ويتابع الحاج أبو حسين: لم يكن يُقدم لعرب الشمالنة أي نوع من الخدمات، وكان هناك مركز للشرطة على الحدود يبعد نحو نصف كم شرق خربة أبو زينة. وقد اعتمد السكان في معيشتهم بدرجة رئيسة على تربية المواشي إلى جانب مزاولة بعض أشكال الزراعة، وخاصة زراعة الحبوب.
أما عن العشيرة فيقول الحاج أبو حسين: تضم الشمالنة والسوالمة، ولهم مختار واحد هو مصطفى الصالح، وبعد أن توفي، أصبح المختار هو مزعل إسماعيل ومن ثم أحمد الشرقي، كانت هناك وجوه للعشيرة أبرزهم بركات العلي وصالح وقاسم المعتوق وحمد الحسين شيخ الشمالنة.
ويضيف الحاج أبو حسين بيوت العشيرة كانت عبارة عن بيوت شعر، وكان المقتدر يعمر بيت حجر ومنهم أحمد الشرقي.
لا توجد مدرسة في أراضي عشيرة الشمالنة، وقد تعلمنا القراءة والكتابة على يد شيخين أحدهم من قرية الشجرة، والآخر من سورية من قرية العال. 
وبالنسبة إلى الصلاة كان أهالي العشيرة يصلون في بيوتهم فلم يكن هناك مسجد، وتقام صلاة الجماعة فقط في العيد.
ولا تختلف عادات أهل العشيرة عن عادات قرى شمال فلسطين، ولاسيما البدو والعشائر منهم.


معركة الشمالنة:
لقد أصبحت أراضي عرب الشمالنة بموجب اتفاقية الهدنة عام 1948 منطقة منزوعة السلاح تحت إشراف الصهاينة، بالإضافة إلى المنطقة الممتدة شمالها حتى جنوب الدرباشية، شاملة جسر بنات يعقوب، وكراد البقارة وكراد الغنامة ومزرعة الخوري. وفي عام 1951 طرد الصهاينة سكان هذه المنطقة من أراضيهم، واستولوا عليها بعد معركة استمرت لمدة أسبوع.

يحدثنا الحاج أبو حسين عن هذه المعركة بتواضع، فهو مستعد أن يتحدث عن الآخرين ويترك الحديث عن نفسه لغيره، فيقول: في الشهر السادس من عام 1951 قدم لنا الصهاينة ما كان يسمى الإعاشة (مؤن ومواد غذائية)، فقرر أهالي القرية عدم تسلّمها في حركة احتجاجية على العدو، فردّ الصهاينة على هذه الحركة بهجوم كبير على القرية من جهة الزنغرية والسمكية، لاسيما أنه كان يفكر بعد انتهاء حرب الإنقاذ وتوقيع اتفاق الهدنة بالتوسع في المناطق المجردة واحتلال مواقع جديدة لتحصين مواقعه الدفاعية في مواجهة القوات السورية المرابطة على الشاطئ الشرقي لبحيرة طبرية، واستمر هذا الهجوم سبعة أيام مع لياليها، استبسل فيها أبناء القرية من المجاهدين الذين تراوح عددهم بين خمسين إلى ستين مقاتلاً.

ويذكر الحاج الشملوني أنه في اليوم الأول من المعركة قتلنا من الصهاينة ستة وهرب الآخرون، واستشهد واحد من العشيرة هو شحادة علي العوض وجرح البعض منهم محمود حمد الحسين ومحمد قاسم معتوق وشحادة أحمد الشرقي.
ومن باب نسب الفضل لأهله يقول الحاج أبو حسين: «لم نكن لوحدنا في هذه المعركة فقد ساعدتنا قوة سورية، وقدمت لنا السلاح والمعونة وقضى عدد من أبناء سورية شهداء في هذه المعركة.
بعد هذه المعركة التي لم تكن متكافئة حيث استخدم العدو فيها الطائرات وسلاح المدفعية ورشاشات العوزي، خرجنا من البلد، وأذكر أن ذلك كان حوالى الساعة 12 ظهراً متوجهين إلى منطقة البطيحة السورية، ومنها إلى تل عامر حيث ظل أهلي هناك حتى عام 1967، لينتقلوا بعد النكسة إلى مخيم اليرموك، ومن ثم إلى مخيم السيدة زينب.
أما أنا فقد تطوعت لأكون مقاتلاً في التشكيلات التي أُحدثت بين النكبة والنكسة، وتنقلت بين أماكن متعددة في هذه الفترة، إلى أن انضممت إلى حركة فتح عام 1965.


في الأسر:
كلفت في عام1967 مع مجموعة من المقاتلين في الحركة من سورية والأردن بدخول الضفة الغربية لغايات تنظيمية وتدريبية قتالية، وكنا ثاني أو ثالث مجموعة تدخل الضفة، وفي صباح 24/9/1967، وبينما نحن بمنطقة حوارة قضاء نابلس هاجمتنا قوة صهيونية وحاصرت المنطقة التي نحن فيها، وقطعت الإمداد عنا، واستمرت المعركة حتى نفدت ذخيرتنا، فجُرح بعضنا وكنت بين الجرحى، حيث أصبت في قدمي اليسرى وأُسرت مع ثمانية من رفاقي.
أول سجن كان في الرملة، ومنه إلى الصرفند، وقد حكمت بمؤبد وعشرين سنة، وتنقلت خلال فترة أسري بين سجون عدة منها عسقلان وبئر السبع، وخضت إضرابات كثيرة إلى أن تم تحريري من الأسر في عملية النورس بين القيادة العامة والعدو الصهيوني، بعد 13 سنة و8 أشهر و6 أيام.
لقد تعلمت من الأسر الكثير، ولكن الدرس الذي لا أنساه وأطلب من الجميع أن يضعوه نصب أعينهم، لاسيما قيادتنا وفي هذه الأيام بالذات، هو أن العدوّ لا يفرق بين ابن فصيل فلسطيني وآخر، فالتعذيب والقتل للجميع. 

نصيحة وعتب
يكمل الحاج أبو حسين نصيحته مع بعض العتب، فيقول: عندما انتميت لفتح كان الدافع وطنياً بحتاً، وكنا ندفع من جيوبنا حتى أجرة السيارة التي كانت تقلّنا في الطريق إلى العمليات الفدائية، وأنا لست نادماً، ولا أقول ذلك لأمنّن على أحد، ولكنها والله الحقيقة التي يجب أن تعرفها أجيالنا والأجيال التي تلينا.
أما لبعض القيادات فأقول هذه حرب طويلة الأمد، فلا تحصروها بأنفسكم وزمانكم وافتحوا الباب للأجيال التي تليكم، ولا تتشبثوا بمواقعكم.
أما لأبناء تنظيمي فأقول: عتبي عليكم كبير، فقد قضيت زهرة شبابي معكم وعندما عدت من الأسر زارني كل أبناء التنظيمات، وبعضهم زارني أكثر من مرة، وكُرّمت من العديد منهم، في حين لم تزوروني ولو لمرة واحدة.
ولدى سؤالنا للحاج عن حقه في العودة قال: إن لم يكن أسري من أجل حق العودة، فلماذا أسرت إذاً؟! قريتي هي أمي، وإذا عادت كل فلسطين ما عدا خربة أبو زينة فإنني أقول بأن حق العودة لم يتحقق.

 

[1] محمد خير المصري، بحث (ميداني) مقدم لأكاديمية اللاجئين 2011.

[2] مجلة العودة مجلة فلسطينية شهرية - العدد التاسع والعشرون - السنة الثالثة – شباط  2010م– صفر 1431 ه

 

صور من المخيم


https://palcamps.net/ar/camp/51