☰ قائمة المخيمات

معلومات إضافية


الجدار العازل:

تناقلت مصادر إعلامية لبنانية صورا لعمليات بناء جدار فاصل حول مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، حيث يعيش  نحو 80 ألف نسمة من اللاجئين الفلسطينيين تحت إشراف الجيش اللبناني، مشيرة الى أنه مع استكمال بناء الجدار "سيخضع أبناء المخيم لحصار كامل ويصبح أشبه بالسجن الكبير".

تويتر

تشييد جدار يفصل بين مخيم عين الحلوة ومدينة صيدا في لبنان

وتحت عنوان "جدار العار" كشفت صحيفة "المدن" اللبنانية عن بدء شركة محلية في لبنان أعمال بناء الجدار الفاصل بين مخيم عين الحلوة والأراضي اللبنانية، مضيفة في تقريرها أن المخيم "سيصبح أشبه بالسجن، وأن الدخول والخروج منه سيكون عبر حواجز الجيش اللبناني".

وأشارت الصحيفة نقلا عن مصادرها ان "الجدار العازل يشبه الى حد كبير جدار الفصل العنصري العازل لمناطق الضفة الغربية". وأشارت الى أن بناءه "سيستغرق 15 شهرا نظرا لأهمية دقة العمل ووظيفته الأمنية، كما ويشرف على بنائه ضابط من الجيش اللبناني".

حوّل الجدار الإسمنتي الذي باشر الجيش اللبناني في بنائه حول مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا (الجنوب) قبل أسابيع تحت مبرّرات أمنيّة، الى قضية رأي عام تجاوزت حدود المخيم الجغرافية، بعدما أثار ضجة سياسية وقانونية حول مشروعيته وتوقيته، واعتراضاً شعبياً وشبابياً فلسطينياً، وأشعل مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات عليه التي بلغت حدّ وصفه بـ «جدار العزل» و«الفصل العنصري» بين المخيم ومحيطه صيدا.

وفيما بدا ان الجيش اللبناني مصمّم على إنجاز الجدار لدواع أمنية، بدأت تداعياته السلبية تنذر بأزمة في العلاقات الثنائية بعد ما أبلغته القوى الفلسطينية السياسية والأمنية في لبنان خلال اجتماع عقد في ثكنة محمد زغيب العسكرية في صيدا مع مدير فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد الركن خضر حمود، من رفضها بناء الجدار طالبة من الجيش وقف أعمال البناء فوراً وعلى الاقل لمدة عشرة ايام كي تقوم بإعداد دراسة تفصيلية حول المشاكل الأمنية في عين الحلوة وسبل معالجتها، فوعد العميد حمود برفع الطلب الى وزارة الدفاع في اليرزة للموافقة عليه.

وبعدها أوضحت قيادة «عدم وجود أي قرار بإقامة جدار عازل بين مخيم عين الحلوة ومحيطه»، لافتة الى «ان ما يجري تنفيذه حالياً هو سور حماية في بعض القطاعات التي لا تشرف على التجمعات السكنية والمنازل في داخله، ويهدف إلى الحفاظ على سلامة المخيم ومنع تسلّل الإرهابيين إليه أو الخروج منه، بالإضافة إلى إغلاق الأنفاق المؤدية إلى بساتين المواطنين، كما أن هذا الموضوع قد جرى الاتفاق عليه خلال اجتماعات عقدت مسبقاً بين مسؤولي الفصائل الفلسطينية ومديرية المخابرات»، ومشيرة إلى «أن جميع مداخل المخيم مفتوحة أمام حركة مرور الأشخاص والسيارات، والعمل جارٍ على تسهيلها إلى الحدّ الأقصى».

والجدار الذي باشر الجيش بتشييده بطول كيلومتر تقريباً وبارتفاع يراوح بين خمسة وسبعة أمتار، الى جانب أبراج للمراقبة عند الطرف الغربي لمخيم عين الحلوة الممتدّ من منطقة السكة شمالا حتى الحسبة جنوبا، يُتوقع ان يستغرق العمل به 15 شهراً بتكلفة تُقدّر بنحو سبعة ملايين دولار، وسط مخاوف من أن تُعمم التجربة إلى مخيمات أخرى في لبنان، ترجمةً لموقف السلطات اللبنانية بالتعاطي مع الملف الفلسطيني من الناحية الأمنية فقط، وإهمال معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي يعانيها اللاجئون الفلسطينيون.

ويعيش في مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان، نحو 80 الف لاجئ فلسطيني، من اصل 450 الفاً في لبنان يقيمون في مخيمات مكتظة تعاني نقصاً كبيراً في البنى التحتية وأدنى المستلزمات الصحية والحياة الكريمة، كما تمنعهم القوانين اللبنانية من تملُّك العقارات او ممارسة الغالبية العظمى من المهن الحرة. وقد انضم اليهم خلال الأعوام الماضية آلاف الفلسطينيين الفارين من أعمال العنف في سورية.

تبريرات لبنانية

وتمحورتْ التبريرات الأمنية اللبنانية لإقامة هذا الجدار - الذي يقع في غالبيته بأراض زراعية وليس طريقاً للمشاة اليومية - بأنه لا يهدف الى حصار الشعب الفلسطيني او عزْله عن محيطه اللبناني، وانما يقام لدواع أمنية باعتبار ان المنطقة «خاصرة رخوة أمنياً» وذلك لمنْع تسلل «مجموعات مسلحة من المخيم وتنفيذ أعمال إرهابية» او استهداف الأمن اللبناني وقطع الطريق الساحلي الجنوبي المجاور للمخيم والذي تعبره قوة «اليونيفيل» باستمرار، وأيضاً على خلفية اعترافات امير تنظيم «داعش» في المخيّم (الموقوف) عماد ياسين. الا ان استحضار صورة مقارنته بجدار الفصل العنصري الذي أقامه الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، جعل الاستمرار في بنائه ينطوي على تداعيات سلبية ولا سيما انه لم يصدر بقرار سياسي من الحكومة اللبنانية.

وأبعد من التبريرات الامنية الآنية، تعتقد أوساط بارزة عبر «الراي»، ان بناء الجدار رسالة مزدوجة: الاولى داخلية الى القوى الفلسطينية بضرورة تسليم المطلوبين الخطرين الذين يتجاوز عددهم نحو 35 مطلوباً ويشكلون خطراً على الاستقرار اللبناني وتحمل مسؤوليّاتها في ضبط الامن بجدية بعيداً عن معادلة الأمن بالتراضي التي لا تعتمد مبدأ العقاب، ما يشجع هؤلاء على المزيد من الاعمال التوتيرية دون حسيب او رقيب. والثانية الى الخارج أكثر وتحديداً الى قوة «اليونيفيل» الدولية التي تعتمد الاوتوستراد الساحلي الجنوبي المحاذي لمخيم عين الحلوة طريقاً رئيسياً لعبورها من والى الجنوب اثناء تنقلاتها، وتمهيداً لطمأنة الشركات العالمية التي ستحضر الى لبنان للتنقيب عن النفط في المرحلة المقبلة.

اعتراض فلسطيني

وتعتبر مصادر فلسطينية عبر «الراي» ان بناء الجدار جاء في توقيت خاطئ وانه لا يخدم تعزيز العلاقات الثنائية مع بدء العهد الجديد بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة العتيدة، وهو العهد الذي يتطلع اليه الفلسطينيون بأمل كي تقر الدولة اللبنانية حقوقهم المدنية والاجتماعية والانسانية، وخصوصاً بعدما راكموا رصيداً بالحياد الايجابي واعتماد سياسة النأي بالنفس، اذ لم يخرج من المخيم ما يسيء الى الامن اللبناني في عز الأزمة اللبنانية والأحداث السورية، لافتة الى ان التنسيق بين الجانبيْن اللبناني والفلسطيني في أوجه ولا داعي لإقامة هكذا جدار حول المخيم سيحوله الى معتقل كبير ولو كان مبنياً من الذهب الخالص فكيف بالاسمنت الداكن.

وأبعد من التوصيف، يجمع المسؤولون الفلسطينيون على «ضرورة إسقاط النظرة الأمنية اللبنانية في التعامل مع قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والتي تؤدي الى إلحاق الضرر بقضيتهم وتهدد مستقبلهم ومصالحهم وتزيد من معاناتهم الانسانية والمعيشية، فضلاً عن الرسالة المعنوية المؤذية التي يكرسها هذا الجدار في أذهان شعبنا الفلسطيني»، مؤكدين رفض سياسة «العزل الجماعي» للمخيمات، مع اعتبار هذا الاجراء مخالفاً للقوانين الدولية ولمبادئ حقوق الانسان وللعلاقات الفلسطينية - اللبنانية «بل هو قرار يزيد من التوتر والاحتقان ويؤجج الخلافات، في حين بذلت جميع الأطراف المعنية في الأعوام الأخيرة جهوداً لمنْع التوتر وللمحافظة على الأمن والاستقرار ولمواجهة الفتنة الطائفية»، ولافتين الى «ان الحل الأمثل للخلافات الفلسطينية اللبنانية يتمثل في إطلاق حوار شامل يتناول جميع القضايا المشتركة ويحفظ العلاقات ويحمي المصالح المشتركة».

مواقف ودعوات

وبين التبرير اللبناني والاعتراض الفلسطيني، علمت «الراي» ان مسؤولين فلسطينيين تراشقوا الاتهامات في ما بينهم، ومع لبنانيين حول «الموافقة المسبقة» على بناء الجدار حين عرض الجيش عليهم الأمر قبل ان يتنصّلوا وقت التنفيذ. بيد ان هؤلاء عادوا ودافعوا عن أنفسهم بـ «أنهم لم يكونوا على علم ببناء الجدار وانما بمجموعة أبراج للمراقبة تشرف على مناطق زراعية (بساتين) تجاور عين الحلوة من الجهة الغربية المحاذية لطريق الجنوب لمنع اي تسلل او هروب مطلوبين، فالتزموا «الصمت» في الأيام الاولى. ومع اكتمال الصورة الاولية لملامح الجدار الفاصل بين الأبراج، ثارت ضجة كبيرة لم يكن بمقدورهم تَحمُّل تداعياتها أمام جمهورهم الداخلي.

ويؤكد قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب لـ «الراي» ان القوى الفلسطينية في المخيم «مُطْمَئنة» لإقامة الجدار حيث لا معابر أو طرق عبور تؤثّر على يوميات السكان، لافتاً الى أن اجتماعاً عُقد مع السلطات الأمنية اللبنانية في وقت سابق وقد «قدّمنا بعض الملاحظات على مسار أبراج المراقبة، ووافقتْ السلطات على مطلبنا بإجراء بعض التعديلات»، ومشيراً الى «أن لا مشاكل مع الدولة اللبنانية التي يحق لها أن تقوم بأي شيء على أراضيها»، ومعتبراً أن إقامة الجدار هدفها «منع الفلتان الأمني والعبور غير الشرعي من وإلى عين الحلوة».

في المقابل، وصف ممثل حركة «حماس» في لبنان علي بركة بناء الجدار بأنه «إجراء خاطئ في الزمان والمكان»، داعياً «السلطات اللبنانية إلى وقف بنائه وفتح حوار مع قادة الفصائل الفلسطينية حول واقع ومستقبل الوجود الفلسطيني في لبنان»، مؤكداً ان «حماس» ترفض سياسة العزل الجماعي للمخيمات «ونعتبر أن بناء جدار عازل للمخيمات عمل يسيء إلى العلاقات اللبنانية ـ الفلسطينية ويضر بمصالح اللاجئين الفلسطينيين في لبنان»، ومعرباً عن أسفه لأن «السلطات اللبنانية ما زالت تتعامل مع اللاجئين الفلسطينيين من الزاوية الأمنية فحسبط.

ورأى بركة أن المبررات التي أوردتها السلطات اللبنانية لبناء الجدار الاسمنتي حول مخيم عين الحلوة ليست مقنعة لأن «المخيمات مطوّقة منذ العام 1996 وهناك مَداخل محددة لها وعليها نقاط تفتيش أمنية لبنانية، وهذا الجدار لا يمكن أن يمنع تسرب الأشخاص إلى المخيمات، مع العلم أن بعض المطلوبين دخلوا المخيم عبر البوابات الرسمية»، قائلاً: «نحن حريصون على أمن المخيمات واستقرارها، ونعمل منذ العام 2013 كقيادة فلسطينية موحدة من أجل ذلك، ونرى في استقرار لبنان مصلحة فلسطينية، ولذلك استغربنا هذا الاجراء، ونرى أنه جاء في الزمان والمكان الخطأ».

وقال مسؤول «الجبهة الشعبية» في لبنان مروان عبد العال لـ «الراي» إن «مجرد القول جدار، فالكلمة سيئة وتليق بها كل الوصفات الشنيعة، لما لها من دلالة سلبية في الذاكرة الفلسطينية، فكيف إذا كان الأمر يأتي بشكل مضاعف ويكون حول مخيم؟ ولا سيما أن التجربة أكدت بالملموس الحرص الفلسطيني على الاستقرار اللبناني والأمن والسلم الأهلي، حفاظاً على وجوده وحماية لذاته»، مضيفاً: «كنا وما زلنا ننتظر من المستوى السياسي اللبناني مكافأة الفلسطيني على هذه الإيجابية أقلّه بحماية أمنه الشامل الذي يبدأ بمنحه الحقوق الإنسانية، وأقلّه وفق المعايير الدولية التي يعترف بها لبنان، أي إزالة الجدار عن حياته ولقمة عيشه والاعتراف بإنسانيته وكرامته، وهذا ما نطالب به. وتفادياً لكل الأجواء السلبية ندعو الحكومة اللبنانية لإعادة النظر بعملية بناء (الجدار)».

وكشف مسؤول «الجبهة الديموقراطية» في لبنان علي فيصل عن اتصالات تجري مع اللبنانيين لمعالجة مشكلة الجدار الأمني «وما يشكله من أضرار كبيرة على شعبنا الفلسطيني داخل مخيم عين الحلوة»، معتبراً «ان تطوير العلاقات الفلسطينية - اللبنانية يحتاج الى إجراءات ايجابية تزيل شوائب الماضي وتنطلق نحو المستقبل بتفهم اللبنانيين لخصوصية الحالة الفلسطينية من كل جوانبها».

وقال «ان شعبنا الفلسطيني في لبنان يحتاج الى ميزان عدالة أكثر من حاجته لجدران اسمنتية تكرّس جدران الحرمان من الحقوق الإنسانية. وكم نحن بحاجة للخروج الى رحاب الأخوة بدل الجدران الاسمنتية التي ستعقّد المشكلات الراهنة ولا تساهم في صوغ علاقات مستقبلية نطمح ان تكون صحيحة ومبنية على الحوار وبالاستناد الى مصلحة الشعبين الشقيقين. وكم نحن بحاجة لحوار مشترك ينظّم العلاقات الفلسطينية - اللبنانية على اسس سياسية واقتصادية وأمنية وقانونية وصولاً لخطة مشتركة يقع في مقدمتها دعم نضال اللاجئيين من اجل حق العودة وإسقاط مشاريع التوطين والتهجير».

بينما شدد قائد القوة الامنية الفلسطينية المشتركة في لبنان اللواء منير المقدح، على أن «ما هو أهمّ من الجدار يكمن في فتح الملف الفلسطيني من كل جوانبه، وخصوصاً أن الشعب الفلسطيني أثبت على مدار الأعوام الخمسة من الازمة في سورية وفي الوضع اللبناني انه صمام أمان، بدليل أن اي اساءة لأمن لبنان لم تخرج من المخيمات»، مضيفاً: «عندما يُفتح الملف الفلسطيني في اطار مصلحة فلسطينية - لبنانية تنتفي أسباب إقامة الجدار، ونحن نعتبر أنفسنا والجيش في خندق واحد في مواجهة العدو الاسرائيلي».
دعم صيداوي
والاعتراض الفلسطيني لم يكن وحيداً، بل جاء مدعوماً من مختلف القوى السياسية في صيدا التي أعلنت رفضها بالمطلق بناء الجدار «لانه يحوّل المخيم رمز قضية اللاجئين والعودة الى سجن كبير»، داعية الى «وقف العمل به بالنظر إلى أضراره البالغة ونتائجه السلبية الخطيرة اذ يفصل بين الصيداويين واخوتهم الفلسطينيين الذين يشكلون جزءاً من نسيج المدينة». وأبعد من ذلك تساءل بعضهم كيف يقدم الجيش على بناء هذا الجدار من دون التشاور مع القوى السياسية، ومَن أوعز ببناء هذا الجدار ولماذا الآن ومن يموّله؟ مطالبين العهد الجديد «بفتح صفحة جديدة في العلاقات اللبنانية الفلسطينية وعدم التعامل مع المخيمات على أساس أمني»، وصولا الى معالجة العوامل التي قد تؤدي الى انفجار الاوضاع داخل مخيم عين الحلوة.
واقترحت القوى الصيداوية وضع تصور لخطوات عديدة يمكن القيام بها للمحافظة على الأمن والانضباط وتعزيز الاستقرار في محيط عين الحلوة ومعه «من دون اللجوء الى بناء الجدار، ما يوحي الانطباع وكأن الاخوة الفلسطينيين هم أعداء للبنان واللبنانيين، في وقتٍ يُشيد فيه الجميع بحكمة ومسؤولية القوى الوطنية والإسلامية في ترجمة حرصهم على امن المخيم والجوار، وحرصهم على التواصل الدائم والإيجابي مع الجهات اللبنانية الرسمية والامنية ومع المرجعيات السياسية اللبنانية والصيداوية بشكل خاص».
وساطات سياسية
والى جانب المواقف السياسية الفلسطينية الرافضة لبناء الجدار والصيداوية الداعمة، نشطت اللقاءات و«الوساطات» حيث التقى وفد قيادي من «عصبة الانصار الاسلامية»، مسؤول الملف الفلسطيني في حزب الله النائب السابق حسن حب الله، وناقش معه الوضع الفلسطيني في لبنان وفي مخيم عين الحلوة، ولا سيما الإجراءات الأمنية التي يقوم بها الجيش اللبناني في محيط المخيم، محذرا من التداعيات السلبية لاستكمال بنائه ما يسيء إلى العلاقات الفلسطينية - اللبنانية، ويفتح الأبواب أمام المصطادين في الماء العكر، وضرورة العمل على وقف بناء الجدار، واستمرار التنسيق اللبناني - الفلسطيني، بما يحفظ أمن المخيّمات والجوار».
من جهتها، استنفرت «حماس» على أعلى المستويات للحؤول دون استمرار بناء الجدار، وأجرى رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل اتصالات هاتفية مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، رئيس حكومة تصريف الاعمال تمام سلام، والرئيس المكلف سعد الحريري، موضحاً لهم خطورة هذا الإجراء على أوضاع اللاجئين في المخيم «وعلى العلاقات الأخوية التي تربط الشعبين الشقيقين اللبناني والفلسطيني، وما يعكسه هذا الجدار من صور ودلالات سلبية».

ودعا مشعل المسؤولين اللبنانيين الى «سرعة وقف هذه الخطوة وإلغائها»، مؤكداً في ذات الوقت حرص الشعب الفلسطيني على أمن لبنان واستقراره وعدم التدخل في شؤونه الداخلية «وأن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وفي كل مواقع الشتات متمسكون على الدوام بحق العودة إلى وطنهم فلسطين في إطار تمسكهم بحقوقهم الوطنية كافة».غضب وتحركات

مع بقاء مصير الجدار «معلَّقاً»، سادت حالة من الغضب مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، وسارع ناشطون فلسطينيون الى عقد لقاءات موسعة في مركز حطين الاجتماعي اولاً، ثم في قاعة الاسدي في الشارع التحتاني قبل ان ينطلقوا في مسيرة عفوية جابت شوارع عين الحلوة وهي تهتف ضد الجدار واستمرار بنائه، معتبرين «ان الجدران لا تبنى إلا بين الاعداء، ونحن كشعب فلسطيني لسنا أعداء للشعب اللبناني، وتربطنا بهم أواصر الأخوة والمحبة والمصاهرة والعيش المشترك»، مؤكدين «ان الحواجز الأمنية على أبواب المخيم لم تسجّل حالة اختراق امني ضد الجوار طوال الأعوام الماضية. وعلى هذا لا نرى اي مبرر لإقامة هذا الجدار العنصري الذي يشعرنا بفقدان كرامتنا الانسانية».

ولوّح الناشطون بأن يتواصل «تحركنا الشعبي والاعلامي ضد جدار العار وسيتبع بتحركات تصعيدية سلمية إن لم تستجب الدوله اللبنانية الى مطالبنا المحقة، ونوجه دعوة الى اخواننا في مخيماتنا الصامدة لمواكبة تحركاتنا الشعبية ومساندتنا في هذه التحركات الشعبية الرافضة للظلم اعلامياً بالإضاءة على معاناتنا ومطالبنا المحقة»، فيما نظّمت القوى الوطنية والاسلامية اعتصاماً عقب صلاة الجمعة امام مسجد النور رفضاً للجدار الذي «يفرق بين الاخوة».

مداخل المخيم :  

لهذا المخيم أربعة مداخل رئيسية تخضع كلها لإجراءات أمنيّة مشددة من حيث الدخول والخروج من قبل الجيش اللبناني. حيث تصل طوابير السيارات أحياناً إلى مسافات طويلة نتيجة التدقيق في التفتيش، مما يزيد معاناة الناس فوق معاناتهم اليومية، وخصوصاً في فصل الصيف وفي أيام الدوام المدرسي. فكثيراً ما يؤدي ذلك إلى تأخر الطلاب عن مدارسهم أو الموظفين عن وظائفهم [1]

شوارع المخيم: 

الشارع الفوقاني

الشارع التحتاني[2]

أحياء المخيم:

حي الطير

حي الصحون

حي رأس الأحمر

حي المنشية

حي الصفصاف

حي عرب

حي طيطبا

حي عمقا

حي حطين

حي الطوارئ

 

الأوضاع الأمنية في المخيم:

جدار العزل

القصة أو الأزمة داخل المخيم  ترتبط بصراعات مراكز القوى بالمقاومة الفلسطينية، لكن ماذا عن جدار العزل اللبناني ودعاوى فرض الأمن.. حسنا هناك إذا محور آخر للأزمة.

صحيح أن أخبار الاشتباكات بالمخيم ليست جديدة، وباتت مألوفة، ودائما ما يستيقظ القاطنون بالمخيم الأكبر للاجئين الفلسطيين في لبنان، والذي يضم أكثر من 80 ألف نسمة، على أصوات الرصاص، لكن ما حدث خلال الأسبوع الماضي، تجاوز مرحلة الاشتباك، إلى المعارك الجدية، بين حركة "فتح" وبعض المجموعات المتشددة في المخيم، وصلت إلى تبادل القصف بقاذفات الآر. بي .جي، والرشاشات الثقيلة ومدافعB10، والقناصة،  لكن الأسباب لازالت مخفية.

عناصر إرهابية

بعض المحللين ربط الاشتباكات بتورط بعض الفصائل الفلسطينية داخل المخيم، مع الأجهزة الأمنية اللبنانية لتسليم مطلوبين لبنانيين مدانين بالإرهاب يحتمون بداخل المخيم، بينهم شادي المولوي والفنان فضل شاكر، وهذا ما ترفضه فصائل أخرى توصف بالمتطرفة، بالتالي تلجأ إلى إشعال المعارك كرسائل تحذير.

ما حدث خلال الأسبوع الماضي، تجاوز مرحلة الاشتباك، إلى المعارك الجدية، بين حركة "فتح" وبعض المجموعات المتشددة في المخيم، وصلت إلى تبادل القصف بقاذفات الآر. بي .جي

بعض آخر يعتبر أن هناك من يريد إشاحة النظر عن أزمة بناء الجدار العازل حول المخيم، خصوصاً أن الأجهزة الأمنية وباتفاق مع الفصائل واللجنة الأمنية، طالبت بوضع خطة محكمة لضبط المخيم، وتسليم كل المطلوبين، ولكن بعد فشل هذه الخطة التي تولتها فتح، واستمرار عمليات الاغتيال والاشتباكات، اعتبرت الأجهزة الأمنية أنه في ظل عدم استطاعة الفصائل فرض الأمن داخل المخيم، كيف يمكن فرضه على الحدود؟ لذلك، لابد من إنهاء الجدار.

إحراج أبو مازن

رؤية أخرى تربط بين تزامن الاشتباكات مع إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، نيته لزيارة لبنان، وكأنما هناك جهات فلسطينية تريد التشويش على صفة "أبو مازن" كمرجعية للحل والربط لفلسطينيي بالداخل والشتات، ولكنّ شرارة الانفجار الرئيسة التي سببت اندلاع جولة العنف الحالية بدأت، عندما أعلن في المخيم، في التوقيت نفسه عن وصول جليلة دحلان زوجة القيادي الفتحاوي "المطرود" محمد دحلان، إلى المخيم، في زيارة لتوزيع مساعدات إنسانية للاجئيه!.

صراع فتحاوي – فتحاوي!

هكذا كانت بداية الأزمة إذا، فجناح "فتح - رام الله" داخل المخيم اعتبر أنّ توقيت اختيار دحلان لزيارة زوجته للمخيم، يتضمن رسالة تحدّ منه ومن داعميه إلى عباس، وتجاوزت الخطوط الحمراء، كونها تنطوي على توجيه رسالة تشويش على زيارة أبو مازن للبنان، وإظهار دحلان أنه ممثّل معادلة فلسطينيي الشتات؛ بدليل وجود زوجته في المخيم المسمّى بعاصمة الشتات، في حين أنّ الرئيس الفلسطيني لا يتجرأ حتى على زيارته.

سيناريو مختلف يرى أن المجموعات الإسلامية المتشددة المناهضة لفتح، استغلت زيارة زوجة دحلان في تغذية التوتر القائم أصلا داخل "فتح"، على أمل أن يتحول إلى اشتباكات مسلحة بين "فتح – دحلان" و"فتح – عباس"، فافتعلت إطلاق نار وحوادث لإشعال الموقف، قبل أن يستقر الخلاف إلى شكله التقليدي والمعروف، بين حي البركسات حيث "فتح" وبين حي "الصفصاف" حيث المجموعات الاسلامية المتشددة.

خلاصة القول أن كل الاحتمالات واردة داخل المخيم وخارجه، والأوضاع جاهزة للاشتعال في أي لحظة، خصوصا وأن كل التقارير تشير إلى أن أبو مازن بحث مع المسؤولين اللبنانيين فكرة نزع سلاح الفصائل داخل المخيم ولو بالقوة

رسالة لعباس

يدعم الفرضية الأخيرة عما سواها من السيناريوهات السابقة، والخاصة بتعمد استقبال عباس بتفجير الوضع الأمني في المخيم، وكان لافتاً أكثر الحرص عند مغادرته لبنان على تسريب معلومة كاذبة، عن تعرّض موكبه لإطلاق نار، ما يؤكد أن جولة العنف الراهنة في عين الحلوة، غرضها توجيه رسالة لعباس ولمضيفه اللبناني ولكلّ من راقب زيارته، مفادها أنّ "المخيم - عاصمة الشتات الفلسطيني"، نظراً لرمزيته السياسية، ولكونه دَرج على استيعاب نزوح اللاجئين الفلسطينيين من البلدان العربية إليه، من الأردن بعد العام ١٩٧٠، ومن سوريا منذ العام ٢٠١١، بات خارج نطاق قرار رام الله.

الخلاصة

خلاصة القول أن كل الاحتمالات واردة داخل المخيم وخارجه، والأوضاع جاهزة للاشتعال في أي لحظة، خصوصا وأن كل التقارير تشير إلى أن أبو مازن بحث مع المسؤولين اللبنانيين فكرة نزع سلاح الفصائل داخل المخيم ولو بالقوة، وهو ما قد يستدعي تدخل قوات الجيش اللبناني، إن اقتضت الضرورة في الأمر، وسط تسريبات عن تحرك مجموعة من قوات النخبة التي تم تدريبها على يد جهاز الأمن الوطني التابع للسلطة الفلسطينية، في مخيم الرشيدية جنوب مدينة صور، ومواقع أخرى في لبنان، في اتجاه عين الحلوة، استعداداً للتدخل العسكري في حال طُلب منها ذلك، واستعداد قوة النخبة المُشكلة من 2000 فلسطيني من مخيمات لبنان للتعامل والتحرك إذا ما تلقت أوامر بالمواجهة، وهو أمر خطير، يطرح تساؤل مفاده: ماذا يُمكن لهذه القوة أن تفعل في ظل الكثافة السكانية في المخيم، وحساسية الوضع وخطورته؟، باعتبار أن الأمر يحتاج إلى تشاور على مستوى الأطر الوطنية المختلفة؛ لتفويت الفرصة على بعض الجهات لتدمير المخيم"، خصوصا وأن عدد من المحللين يرى أن العناصر المتشددة بداخل المخيم تدفع أيضا بقوة لتحقق هذا السيناريو؛ كونه يشعل الموقف أكثر، وهو أمر في صالحها تمام وتتغذى عليه.

القصة أو الأزمة داخل المخيم ربما ترتبط بصراعات مراكز القوى بالمقاومة الفلسطينية

وفي حال حدث ذلك، مع حقيقة أن جولة العنف الحالية صاحبتها حركة نزوح مدني للاجئين من المخيم إلى خارجه أثناء اندلاع الاشتباكات، ما يعني أن هناك ما يدبر في الخفاء نحو تفريغ المخيم من سكانه، بدعوى القضاء على المجموعات الإرهابية بداخله، وتحت شعار تأمين سلامة سكانه قبل ضرب الإرهابيين داخله، لكن في المقابل هذه الخطوة قد تعني أسرع وصفة للتوطين، كون الفلسطينيين في لبنان من دون مخيم "عين الحلوة" لا يعودون لاجئين، بل يصبحون مواطنين تنقصهم هويات لبنانية، ما يدمر فكرة حق العودة مستقبلا!

الاقتتال الفلسطيني الفلسطيني:

غدا سمة بارزة لمخيم عين الحلوة رفم التزافق المستمر على القوة الأمنية المشتركة إلا أن هناك خرق مستمر للاتفاقات، مما يخوف البعض من تكرار تجربة مخيم نهر البارد .

مشاكل المخيم:

  • تعرض لأضرار كبيرة خلال الحرب، أدت إلى تدمير أجزاء واسعة منه، ما أدى لنشوء مساكن على حافة المخيَّم، ما زالت قائمة حتى اليوم
  • سكانها يعانون من فقر مدقع، حيث يضطر الأطفال إلى ترك مدارسهم ليتمكنوا من المشاركة في العمل، وتحصيل العيش.
  • كما يعاني المخيَّم من ضيق المساكن، وسوء بنائها
  • فضلاً عن الاكتظاظ السكاني الكبير
  • يعد مخيم عين الحلوة أكبر مخيَّم في لبنان، كما استقبل الفلسطينيين المهجرين من المخيَّمات اللبنانية الأخرى، من بينها مخيَّم النبطية الذي دمره العدو الإسرائيلي سنة 1974، إضافة إلى القادمين من مخيَّمات الشمال، حيث يقطن في المخيَّم أكثر من 47,500 فلسطيني مسجل لدى وكالة الغوث، أو أكثر من ثمَّانين ألف وفق ما يتداوله الفلسطينيون ووسائل الإعلام.
  • كما تقوم الأونروا بتأمين التعليم لهم عن طريق ثمَّاني مدارس، فيها مدرسة ثانوية واحدة فقط، إضافة إلى مركزين صحيين
  • كما ارتبط اسم مخيَّم عين الحلوة مؤخراً، بقرار الجيش اللبناني بناء جدار عازل حول المخيَّم، وذلك لضرورات أمنية، دون التصريح عن مسار الجدار، أو إن كان سيطوِّق المخيَّم، أم أجزاء منه فقط، لكن الجيش أوقف المشروع في الخامس والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر عام 2016، بعد مفاوضات مع قيادات فلسطينية، وبعد أيام قليلة من الشروع به.[1]
  • يشهد المخيم حالة تسرب عالية للتلاميذ من المدارس بسبب حالات الفقر الشديد.
  • ويوجد في المخيم أكثر من خمسة آلاف مطلوب للدولة اللبنانية بتهم معظمها باطلة أو مضى عليها الزمن، ويفرض الجيش اللبناني طوقاً أمنياً قاسياً حول المخيمات، ويفتش الداخلين والخارجين ويحصر الدخول والخروج بمناطق محددة، ويقيم سواتر ودشم وحواجز في محيط المخيم، ويمنع الإعمار، وهناك قيود على عمل وتحرك وكالة الأونروا الدولية

 

[1] صحيفة المدن اللبنانية https://www.almodon.com/portal

[2] جبهة النضال الشعبي الفلسطيني  https://www.nedalshabi.ps/

[3] المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)https://pahrw.org/

[4] أحمد عزيز : صحفي وكاتب مصري متخصص في الشؤون الخارجية والعلاقات الدولية ، نون بوست 23/3/2017 https://www.noonpost.com/search/google/23/32017

 [5]   بابونجhttps://www.babonej.com/ 


https://palcamps.net/ar/camp/68