☰ قائمة المخيمات

الوضع الاجتماعي


 يعاني هذا المخيم العديد من المشاكل، من حيث كثافته السكانية المرتفعة ومن ضيق المساحة الجغرافية، حيث يضطر الأهالي إلى التوسع العمودي دون الأخذ بالاعتبار  معايير السلامة من الناحية الهندسية والصحية، وهذا ما جعل المباني متلاصقةً بعضها ببعض حاجبةً نور الشمس والإضاءة وما لذلك من انعكاس سلبي على صحة سكان هذا المخيم. بالإضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة، والتي قد تصل إلى 55% حسب نتائج المسح الاجتماعي الذي أجرته الأونروا بالتعاون مع الجامعة الأمريكية في بيروت عام 2010. كما أظهرت نتائج المسح الاجتماعي الذي سبق ذكره أن  نسبة 66% من اللاجئين الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر وأن نسبة 7% يعيشون تحت خط الفقر الشديد. هذه العوامل مجتمعة أدّت إلى تزايد المشاكل الاجتماعية والأمنية المتلاحقة، وأدت الى ارتفاع نسبة الطلاق وتأخر سن الزواج لكلا الجنسين. وما لذلك من انعكاسات اجتماعية على جيل الشباب والأسر، وعلى الترابط الاجتماعي والأخلاقي، لأن البطالة والفراغ وانسداد آفاق المستقبل، هي عوامل هدامة تخلخل ركائز المجتمع وتدمره.  وقد أجمعت جميع الهيئات والفعاليات الأهلية والاجتماعية في مخيم عين الحلوة أن أوضاع مخيم عين الحلوة في حالة تراجع مستمر من الناحية الإنسانية نتيجة لتهرب الأونروا بشكل تدريجي من مسؤولياتها من تأمين الإغاثة والطبابة وفرص العمل، واستمرار رفض الدولة اللبنانية منح اللاجئين الفلسطينيين حقوقهم المدنية، فضلا عن تراجع دور المؤسسات الاجتماعية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان[1].

إن خدمات الأونروا في هذا المجال في حالة تراجع، حيث يوجد في المخيم ما يزيد على 350 منزلاً[2] ما زالت سقوفها من الصفيح، والكثير من المنازل لها تشققات وهي آيلة للسقوط. والأونروا منذ سنوات عديدة لم تقم بأي عملية ترميم أو صيانة للمنازل أو إعادة إعمار. كذلك لا تقدم الأونروا خدمات إغاثة كالمواد الغذائية وغيرها إلا ما نسبته (12% إلى 14%)،[3] وبمعدل كل ثلاثة أشهر إذ لا تتجاوز قيمة الحصة الغذائية المقدمة للفرد الواحد كل ثلاثة اشهر 30$ أمريكيا وعلى الرغم من ذلك فهي في حالة تراجع من حيث الكمية والجودة، فقد تم رفض بعض السلع الغذائية المقدمة بسبب تلفها الناتج عن سوء التخزين أو حتى انتهاء صلاحيتها.[4]

 أبرز معالم الوجه الإنساني لمخيم عين الحلوة

أولا: الكثافة السكانية العالية على بقعة جغرافية محدودة: تترك هذه الكثافة آثارا سلبية على علاقات الناس ببعضهم البعض وتخلف أمراضا شتى نتيجة للرطوبة المرتفعة. كما أن التعاطي بين السكان يتسم بالحدة أحيانا نتيجة للضغط. ومع تكدس البيوت على بعضها البعض وعدم قدرة المخيم على استيعاب أو بناء المزيد من المنازل، فإن المساحة الخضراء في المخيم باتت من الأمور النادرة. لقد حلت محلها غابة من الاسمنت. وتقدر الفعاليات السياسية والشعبية في المخيم عدد السكان بما يزيد عن ال 70000 نسمة على مساحة محدودة، بينما تقدر الأونروا عدد السكان بحوالي45000 نسمة على مساحة تقدر ب 0.8 كلم مربع. مما يعني عمليا ان الكثافة السكانية تبلغ 17 نسمة على المتر المربع الواحد. وليس أدل على ذلك من حركة الناس في النهار، في السوق، أو في شوارع المخيم. كما أن نظرة عن بعد إلى المخيم تعطى المرء الانطباع ذاته. إن الكثافة السكانية العالية تعتبر من المشكلات المزمنة في المخيم، ولولا الطابع العائلي المحافظ الذي لا يزال يغلب على سكان المخيم لكانت النتائج مختلفة تماما.

ثانيا: التعاطي الأمني مع المخيم يولد حالة غضب ويأس: تتعاطى الحكومات اللبنانية مع موضوع الفلسطينيين من منطلق أمني. فالفلسطيني في مخيم عين الحلوة موضع شبهة. حواجز التفتيش والتدقيق على كل مداخل المخيم، "جدار الفصل" كما يسميه سكان المخيم على الحدود الشرقية ، كل ذلك يولد حالة غضب ويأس ونقمة تجاه كل شيء. وقد تقدم الأجهزة الأمنية أسبابا كثيرة لتبرير إجراءاتها، لكن سكان المخيم يدفعون ثمنا باهظا لذلك، إذ أن سكان المخيم ليسوا كلهم مطلوبين للقضاء اللبناني وللأجهزة الأمنية، وليس من المعقول أن تستمر الإجراءات المشددة لفترات طويلة. إذ أن القوانين التي تنظم حالات الطوارئ تحدد شروطا لذلك، أهمها عامل الوقت، وزوال الأسباب. إن التعاطي الأمني بالمطلق مع المخيم له آثار سلبية على السكان، فالضغط يولد الانفجار، ويحرف البوصلة عن اتجاهها الصحيح، ويخلق مشاكل أخرى. إن التعاطي الإنساني هو الذي يقضي على ظاهرة التطرف والعنف بشكل مبكر قبل أن تستفحل ويصعب معالجتها، وهو الذي يوجد حالة من الثقة والارتياح تجاه الدولة اللبنانية بشكل عام وتجاه الجيش اللبناني بشكل خاص. إن تجارب مرحلة الحكم الشهابي في ستينات القرن الماضي يجب أن تظل في الذاكرة.

ثالثا: ملف المطلوبين له انعكاسات اجتماعية واقتصادية وأمنية خطيرة: يعتبر المطلوب للقضاء اللبناني أو للأجهزة الأمنية سواء لارتكابه جنحة أو جناية عبئا اجتماعيا واقتصاديا وأمنيا على سكان المخيم بشكل عام وعلى البيئة المحيطة. وتقدر أوساط اللجان الشعبية عدد المطلوبين بالمئات، أكثر من 90% ارتكبوا جنحا (إطلاق نار في الهواء، تجاوزات مالية، مشاكل مع الجيران..) أو اعتبروا أنفسهم مطلوبين بناء على تقارير أمنية بحقهم ربما تكون خاطئة . وبين هذا وذاك يصبح المطلوب عبئا على أهله الذين يتوجب عليهم تقديم الرعاية الشاملة له من المال والطعام والشراب والمأوى والحماية، وذلك لعدم قدرته على الخروج من المخيم، وقد يعتمد على رعاية من جهات سياسية فيصبح أسيرا لها، أو أنه يصاب باليأس فينتقل من تهمة الجنحة الى الجنايات فيمارس القتل والعنف. ومن القضايا المثيرة للجدل في ملف المطلوبين هي الرحلة الطويلة التي يقطعها المطلوب أو المتهم والذي يلقى القبض عليه، فيحدث أقرانه وجيرانه عن المعاملة القاسية التي تعرض لها في مراكز التحقيق، ويترك ذلك انطباعا سلبيا جدا مما يجعل المطلوبين يترددون ألف مرة أذا فكروا أن يسلموا أنفسهم للأجهزة الأمنية. ويلقي ملف المطلوبين بكل تعقيداته ظلالاً كثيفة على مجمل الوضع الإنساني في المخيم، وقد تبرر الأجهزة الأمنية سلوكها بسبب هؤلاء المطلوبين والخطر الذي يشكلونه. ويطالب الفلسطينيون بهذا الخصوص أن يمنح المطلوبون عفوا خاصا، أو تتم تسوية لهم يحفظ حق الدولة اللبنانية وأمنها واستقرارها وهيبتها ويعالج مشكلتهم، على غرار تسويات أمنية حصلت سابقا[1].

رابعاً: ارتفاع مستويات الفقر في المخيم : لا يخفى عن زائر المخيم بأن حياة ساكنيه لا تطاق، وأن المعاناة الإنسانية لا يمكن وصفها بكلمات، وعندما يغادر المخيم شرقا ليجد نقاط التفتيش والسياج الأمني والجدار الفاصل والمراقبة الشديدة يعتقد جازماً أن تعاطي الدولة اللبنانية مع المخيم ليس له إلا معنى واحد هو المعنى الأمني. آلاف التفاصيل الإنسانية التي تروى وتلاحظ وتوثق يمكن أن تسقط عند كتلة اسمنتية واحدة على تخوم المخيم. الفقر الشديد المنتشر بين سكان المخيم يدفع النساء لجمع الخردة فجراً وهن يخفين وجههن خوفا من الظهور، فالحاجة والفاقة دفعتهن لجمع الخردة، اعتقاداً منهن أن حلكة الليل يمكن ان تخفي وجوههن ولكنها - في الوقع - تفضح بكاء الاطفال الجائعين. الأطفال المتسربون من المدراس ينتظرون شاربي تنك البيبسي من الانتهاء ليتصارعوا عليها من اجل بيعها في الخردة. فقراء من المخيم يذهبون عصرا الى حسبة صيدا القريبة من المخيم للبحث في القمامة عن خضار أو فاكهة يمكن استصلاحها والاستفادة منها. الشباب العاطل عن العمل يتسكعون في الطرقات طولاً وعرضاً لتمضية ساعات النهار الطويلة. الآفاق المسدودة والآمال المقطوعة بأن تتحسن الظروف يوماً ما تجعل حياة الناس مملة وناقمة على كل شيء بانتظار فرصة للخلاص من هذا الوضع الرديء. معدلات الفقر المرتفعة بيئة خصبة للانحراف والعنف.

خامساً: التمييز في التعاطي بين اللبنانيين والفلسطينيين ليس له ما يبرره: مخيم عين الحلوة، عاصمة الشتات، مخيم الإرهابيين، مخيم الفارين من وجه العدالة، مخيم مخازن الأسلحة، مخيم المخلين بالأمن والنظام، معظم الحوادث الأمنية التي حصلت ويمكن أن تحصل ، لا بد وان يكون المدبرون أو المنفذون قد عاشوا في مخيم عين الحلوة، النفايات البشرية، الجزر الامنية.

 سادساً: الانقسام السياسي الفلسطيني وعدم وجود المرجعية القوية مشكلة أخرى: تكثر المجموعات المسلحة في مخيم عين الحلوة، وتتناقض المبادئ والتوجهات عند كل جهة، وكثير من الجهات تستغل الفقر المنتشر في المخيم. إن الاشتباكات التي تحصل بين المجموعات تترك آثارا مباشرة على أمن واستقرار وحياة السكان في المخيم، كما تترك انطباعا لمن يراقب الوضع بأن عين الحلوة غابة من الخارجين عن القانون والذين يستخدمون السلاح في غير وجهته الصحيحة. إن غياب المرجعية القوية القادرة على فرض النظام بالقوة هو إحدى العقبات التي تواجه مخيم عين الحلوة. ليس هناك ما يبرر وجود أي أجنبي يريد الإخلال بالأمن والاستقرار في لبنان لا من الناحية الأخلاقية ولا من الناحية الوطنية ولا حتى وفقاً للدين الإسلامي الحنيف، وهو نتاج خلط كبير في الفهم لمجريات الأمور، وتقدير خاطئ للمصلحة العليا للشعب الفلسطيني. إن الروح الوطنية يجب ان تبقى متقدة وحية في نفوس أبناء المخيمات الفلسطينية وأهمها مخيم عين الحلوة. إن الخلافات المسلحة تقتل هذه الروح وتكون بمثابة تشويش على القضايا المحقة والعادلة، وهي من أهم الأسباب التي تدفع الدولة اللبنانية للتشديد على مخيم عين الحلوة. وإن المطلب هنا هو تشكيل مرجعية سياسية قوية تعالج مشاكل جميع المخيمات ومن بينها مخيم عين الحلوة، معالجة فعالة مبنية على رؤية صحيحة يحترمها شعبنا قبل كل شيء[2]

المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد"

الوجه الإنساني لمخيم عين الحلوة

(تقرير)   بيروت في 13- 10- 2016


      لا شك أن عاصمة الشتات الفلسطيني في لبنان، التي تحتضن في جنباتها ما يزيد عن 100 ألف نسمة من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والنازحين الفلسطينيين من سوريا مؤخراً، هي عنوان للبؤس والحرمان والمعاناة لسكان قُدّر لهم أن يكون لجوئهم وإقامتهم في هذا المخيم. ولا شك أن الأحداث الأمنية التي حصلت، وتحصل، جعلت المخيم كله على فوهة بركان. وما أن يتجاوز المخيم حدثاً أمنياً أو أزمة طارئة، بعد جهود مضنية يبذلها الحريصون على أمن المخيم وسكانه ووجوده، إلا وتبدأ أزمة أمنية أخرى تعيد المخيم إلى دائرة الخطر من جديد. وتفرض القيود الأمنية على سكان المخيم بالمجمل وكأنه عقاب جماعي لعشرات اللآلاف من المدنيين الذين لا ناقة لهم ولا جمل لهم بما يجري. بل الأخطر من ذلك أنه بعد كل جولة عنف يخسر الكثير من المدنيين ممتلكاتهم وسياراتهم ومنازلهم. وليس هناك من تعويض لهذه الخسائر إلا في الحدود الدنيا. والسؤال إلى متى سيبقى حال مخيم عين الحلوة هكذا؟ وعلى من تقع مسؤولية إنقاذ المخيم، أليس للمخيم وجهاً إنسانياً آخر؟

مخيم عين الحلوة

يقع مخيم عين الحلوة بالقرب من مدينة صيدا حيث يبعد عن وسطها ٣ كلم فقط، وهو يعتبر امتداداً عمرانياً متصلاً مع المدينة. وهو أكبر المخيمات من حيث السكان في لبنان، وتبلغ مساحته حوالي 1 كم مربع، ويعتبر عاصمة الشتات الفلسطيني في لبنان.

يعتبر مخيم عين الحلوة مجتمعاً مدنياً بامتياز فيه كل مقومات الحياة المدنية من مدارس ومراكز طبية ومستشفيات منها على سبيل المثال لا الحصر القدس والأقصى وسعد صايل والنداء الإنساني وصيدليات ومحلات تجارية بشتى أنواعها، ومؤسسات عديدة من مؤسسات المجتمع المدني ورياض الأطفال والنوادي الرياضية والمراكز الشبابية ومنازل للسكان رغم ضيقها وازدحامها.

مع أن مخيم عين الحلوة هو واحد من اثني عشر مخيماً، ويتقاسم معها تقريباً ذات الهموم، إلا أن الحديث عن مخيم عين الحلوة يأخذ أبعاداً أخرى ويحظى باهتمام إعلامي خاص، ليس باعتباره عاصمة الشتات الفلسطيني أي عاصمة الهم الفلسطيني ورمز للمعاناة الفلسطينية في لبنان، بل باعتباره مصدر قلق وتوتر. إن الصورة النمطية المرسومة على جبين مخيم عين الحلوة تسببت له بمعاناة إضافية صرفت الأنظار بشكل شبه تام عن جوهر القضية الإنسانية التي يمثلها ويعيشها هذا المخيم.

تحديات إنسانية

أولاً: التحدي السكاني:

يعيش في مخيم عين الحلوة نحو 100 ألف لاجئ أو يزيد (54 ألفاً منهم مسجلون رسمياً لدى وكالة الأونروا ) أكثريتهم جاءت أصلاً عند إنشائه من منطقة الجليل الأعلى في فلسطين، ويصل معدل عدد أفراد العائلة فيه خمسة أفراد، أما معدل عدد الغرف في المنزل الواحد فهو ثلاث غرف (تتضمن المطبخ)، ويعيش سكان المخيم ذو الكثافة السكانية العالية واقعاً إنسانياً مزرياًما بين شوارعه الرئيسية القليلة التي لا تكاد تتسع أحياناً لمرور السيارات وأزقته الضيقة التي يتعثر فيها المارة بعضهم ببعض. وللمرء أن يتخيل كيف يعيش مئة ألف أو يزيد في بقعة جغرافية صغيرة.

ثانياً: مشاريع بنى تحتية في مساحة صغيرة:

باشرت وكالة الأونروا تنفيذ مشروع تحسين البنى التحتية في مخيّم عين الحلوة، المموّل من عدة جهات أهمها الاتحاد الأوروبي للاجئين الفلسطينيين الأكثر فقراً في لبنان، عبر إعادة تأهيل البنى التحتية بتحسين شبكة إمدادات المياه الرئيسية والثانوية، وتحسين شبكة الصرف الصحي الرئيسية والثانوية، وبناء شبكة صرف مياه أمطار وشبكة صرف صحي جديدة، وتعبيد وإعادة تأهيل كل الطرقات والممرّات.

وقد جرى تقسيم المشروع إلى أربعة قطاعات نظراً لصعوبة تنفيذه دفعة واحدة في مساحة لا تزيد عن كيلومتر واحد، ووسط كثافة سكانية تصل إلى 100 ألف نسمة، فضلاً عن عدم توفر الأموال اللازمة للتنفيذ. وقد موّل القطاعين الأول والثاني الاتحاد الأوروبي بنحو 4.400.000 يورو، بينما موّلت القطاع الثالث اليابان بنحو 2 مليون دولار، على أنْ تموّل القطاع الرابع والأخير المملكة العربية السعودية بنحو 2 مليون دولار أيضاً. ومع وضع الحجر الأساس للبدء بالمشروع، شعر أبناء المخيّم بالارتياح لا سيما أنّه جاء ليُنهي معاناة مزمنة مع البنى التحيتة التي اهترأت وباتت غير صالحة، غير أنّهم سرعان ما لاحظوا أنّه لا يحظى بالرقابة والاهتمام المطلوبين، حيث تبين أنّ لا إدارة للمشروع، كما كانت هناك مماطلة بالتنفيذ، فضلاً عن أنّ الحفريات كانت تُنفّذ بطريقة غير مدروسة، حيث يطمرونها ومن ثم يعاودون حفرها نتيجة خطأ في التوصيل، ومع هذا كله تحمّل أبناء المخيّم المعاناة.

 وبعد الإنتهاء من الرزمة الأولى من المشروع، بدأت الثغرات تطفو على السطح، حيث واجه أبناء حي الزيب مشكلة مياه الشفة، إذ اكتشفوا عطلاً بالقسطل الرئيسي الذي يوصّل المياه إلى الحي، وما إنْ انتهوا من مشكلة المياه حتى ظهر عيب آخر، حيث استيقظ أبناء الحي على بُرك مياه صغيرة متجمّعة على سطح الأرض ناتجة عن عطل في القساطل، وقد فاضت بعض المنازل وامتلأت بمياه الصرف الصحي، ما ولّد حالة استياء واسعة لدى سكان الحي احتجاجاً على دور اﻷونروا وعدم اكتراثها، ما دفعتهم إلى قطع الطريق، والتصعيد بالنزول إلى الشارع وإقفاله تنديداً بما اعتبروه فشلاً لمشروع البنى التحتية، عازين سبب هذا الفشل إلى غياب دور اﻷونروا بالإشراف، وتنصّل المتعهدين من واجبهم واللجنة المشرفة من قِبل الأطراف السياسية. وتقتضي الموضوعية القول أن مساحة المخيم الضيقة قد لا تساعد على إتمام مشاريع البنى التحتية بالوجه الحسن.

ومع أهمية هذه المشاريع إلا أن السؤال الذي يطرحه المراقبون هو: هل تم دراسة حاجة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بشكل عام ومخيم عين الحلوة بشكل خاص، وهل تم دراسة الأولوليات بشكل علمي ومنهجي وفق دراسة ميدانية؟ ولماذا لم يستجب المجتمع الدولي والدولة اللبنانية إلى الحاجة الملحة بضرورة توسيع مساحة المخيمات كي تتناسب مع الزيادة السكانية المضطردة؟

ثالثاً: ملف المطلوبين، وجهة نظر إنسانية:

يعتبر المطلوب للقضاء اللبناني أو للأجهزة الأمنية سواء لارتكابه جنحة أو جناية عبئاً اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً على سكان المخيم بشكل عام وعلى البيئة المحيطة. وتقدّر أوساط اللجان الشعبية عدد المطلوبين بالمئات، أكثر من ٩٠٪ منهم ارتكبوا جنحاً (إطلاق نار في الهواء، تجاوزات مالية، مشاكل مع الجيران..) أو اعتبروا أنفسهم مطلوبين بناءً على تقارير أمنية بحقهم ربما تكون خاطئة. وبين هذا وذاك يصبح المطلوب عبئاً على أهله الذين يتوجب عليهم تقديم الرعاية الشاملة له من المال والطعام والشراب والمأوى والحماية، وذلك لعدم قدرته على الخروج من المخيم، وقد يعتمد على رعاية من جهات سياسية فيصبح أسيراً لها، أو أنه يصاب باليأس فينتقل من تهمة الجنحة الى الجنايات فيمارس العنف. رغم العقبات السياسية والأمنية والإجراءات المعقدة أحياناً، فقد بادر العديد من المطلوبين الى تسليم أنفسهم للدولة اللبنانية وتسوية أمورهم مع الجهات المعنية.

رابعاً: بين الحاجات الإنسانية والضرورات الأمنية.

تتعاطى الحكومة اللبنانية مع موضوع الفلسطينيين من منطلق أمني، فالفلسطيني في مخيم عين الحلوة موضع شبهه. حواجز التفتيش والتدقيق على كل مداخل المخيم تولد حالة غضب لدى السكان، وقد تقدّم الأجهزة الأمنية أسباباً كثيرة لتبرير إجراءاتها، لكن سكان المخيم يدفعون ثمناً باهظاً لذلك، إذ أن سكان المخيم ليسوا كلهم مطلوبين للقضاء اللبناني وللأجهزة الأمنية، وليس من المعقول أن تستمر الإجراءات المشددة لفترات طويلة. إن القوانين التي تنظم حالات الطوارئ تحدد شروطاً لذلك، أهمها عامل الوقت، وزوال الأسباب. إن التعاطي الأمني بالمطلق مع المخيم له آثار سلبية على السكان، فالضغط النفسي يولّد الكبت لدى العديد من السكان ويزيد من مشاكلهم وأعبائهم، ويحرف البوصلة عن اتجاهها الصحيح. المطلوب بالتحديد هو أن يتم أنسنة الإجراءات الأمنية بحيث تقوم الأجهزة الأمنية بعملها في مقابل مراعاة الحاجات الإنسانية وأن تكون الإجراءات موجهة للمستهدفين فقط.

الخلاصات والتوصيات

أولاً: الخلاصات:

1. إن لمخيم عين الحلوة وجهاً إنسانياً آخر، وهو مخيم فلسطيني يلتقي مع باقي المخيمات لجهة الآمال والآلام.

2. إن التقييم العام لسلوك الحكومة اللبنانية والأونروا تجاه سكان المخيم لا يتوافق مع معايير حقوق الإنسان.

3. إن غياب المرجعية السياسية الفلسطينية بشكلها الديمقراطي ينعكس سلباً على مجمل حياة اللاجئين في المخيم.

3. إن الظروف السكنية والاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسيةبالغة التعقيد كفيلة بإشعال فتيل التوتر داخل المخيم.

4. إن استقرار الوضع في المخيم ينعكس على الجوار اللبناني من الناحية الأمنية، الاقتصادية.

ثانياً: التوصيات:

أولاً: ندعو الدولة اللبنانية إلى أنسنة إجراءاتها الأمنية، وعدم التضييق على سكان المخيم وتغليب الجوانب الإنسانية دائماً.

ثانياً: منح الفلسطينيين حقوقهم المدنية كاملة التي نصت عليها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والصكوك الدولية الأخرى وعلى رأسها حق العمل والتملك، وتشكيل الجمعيات، والحق في مسكن لائق.

ثالثاً: ندعو الأطراف الفلسطينية بتسوية أوضاعها الداخلية، وعدم السماح لأحد بالعبث بأمن واستقرار المخيم.

رابعاً: ندعو إلى تسوية شاملة لملف المطلوبين كخطوة هامة تتخذها الدولة اللبنانية، خصوصاً أولئك الذين ارتكبوا جنحاً، أسوة بتسويات سابقة.

خامساً: ندعو المجتمع الدولي ووكالة الأونروا إلى زيادة خدماتهم، والتمتع بمزيد من الشفافية.[7]

 

 

[1] المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)https://pahrw.org/

[2] المصدر – حسب معلومات من اللجنة الشعبية للمخيم وقسم الشؤون الاجتماعية للأونروا خلال عام 2010.

[3] المصدر - حسب معلومات من اللجنة الشعبية للمخيم وقسم الشؤون الاجتماعية للأونروا خلال عام 2010.

[4] المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)https://pahrw.org/ 

[5] مركز العودة الفلسطيني https://prc.org.uk/?lang=ar

[6] مركز العودة الفلسطيني https://prc.org.uk/?lang=ar

[7]الوجه الإنساني لمخيم عين الحلوة، تقرير المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد" 13- 10- 2016

 


https://palcamps.net/ar/camp/68