الفلسطينيون في تشيلي


  تتعدد المجتمعات التي يعيش فيها الفلسطينيون، تعدد بات واضحا منذ بدء الشتات حتى الآن لينتشروا في الكثير من دول وبقاع العالم، وهو الانتشار الذي حقق لهم قوة واضحة في أكثر من وضع ومكان، الأمر الذي لفت انتباه الكثير من الدوائر سواء على الصعيد السياسي أو الصعيد الاجتماعي والشعبي الفلسطيني.

ويشير تقرير أصدره مركز مدار الفلسطيني إلى أهمية هذه الفئة من فئات المجتمع الفلسطيني، والأهم من هذا أنها تتسم بالاعتدال ولا تدعو إلى أي عنف في توجهاتها أو مطالبها السياسية، وهو أمر مثير للاهتمام خاصة في ظل التطورات الجيوسياسية التي تعيشها منطقة أمريكا الجنوبية، عقب الصعود المدوي لليمين المتشدد هناك، الأمر الذي يتطلب فئات من المجتمعات ذات الأصول العربية والتي تتسم بصفات استراتيجية محددة.

بالإضافة إلى غياب أي تنافس سياسي بين طوائف وشرائح هذا المجتمع الفلسطيني، وعلى سبيل المثال لا يوجد أي تواجد بارز لظهور فئة سياسية أو أصحاب توجه سياسية معين على أصحاب الفئة الأخرى، وهو أمر بات واضحا من خلال التعامل معهم وتعاطي وسائل الاعلام الغربية معهم سواء على الصعيد الإخباري أو التحليلي.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن الفلسطينيين في تشيلي هم من أكبر المجتمعات الفلسطينية خارج الوطن، وتشير التقديرات إلى أن عددهم يبلغ قرابة نصف مليون شخص، وهو رقم كبير وأدى إلى أن يكون للمجتمع الفلسطيني في الخارج صوت مسموع.

وعمل الفلسطينيون في تشيلي في مجال التجارة بالبداية، وبعدها باتوا أصحاب مصانع للنسيج، ثم رأسماليون. وتشير تقارير سياسية إلى أن الكثير منهم الآن يعملون في السياسة والأدب والأهم أيضا الفكر، ولهم الآن نواب في البرلمان ويعملون أيضا كسفراء.

فريق كروي

بالإضافة إلى هذا بات لهم فريق كُرَوي خاص، وهو الفريق الذي سلطت عليه الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية الضوء أكثر من مرة خاصة وأن لاعبيه رفعوا شعارات مناهضة للاحتلال والأهم أنتقدوا الكثير من السياسات التي تنتهجها القيادات الدولية ضد الفسطينيين.

ومن أهم أعضاء هذه الطائفة الان المحامي أنور مخلوف الذي يحتل اليوم منصب المدير التنفيذي للجالية الفلسطينية في تشيلي والذي تحدث أكثر من مرة عن طموح وتطلعات الفلسطينيون في تشيلي قائلا أن تاريخ الجالية الفلسطينية في تشيلي، وعموم أميركا الجنوبية، لم يكن معبّدا بالورود، بل عانى المهاجرون الأوائل، وأبدعوا عملا وانخراطا في مجتمعاتهم الجديدة.

وعن الأندية العربية أو الفلسطينية في تشيلي قال مخلوف أن الآباء الفلسطينيين في الخارج قاموا بتأسيس نوادي تعنى بشؤون اللغة والثقافة والتقاليد وتعتبر منطلقا لكثير من النشاطات واللقاءات، وأبوابها مفتوحة أمام التشيليين ليتعرفوا على من هم من أصول فلسطينية.

إلى جانب تلك الأندية انتشرت أيضا مدارس تعليم اللغة العربية، وتنشط جمعيات وأندية متعددة الأهداف، ولعل “أكثرها نشاطاً هي الجمعيات النسائية الفلسطينية التي شكلت مدخلا للحفاظ على عادات وتقاليد فلسطينية من الاندثار، بفعل المخاوف من حالة الذوبان التي تصيب الأجيال الجديدة بعد أكثر من 150 سنة من الهجرة”.

تعزيز الهوية

ويعتبر مخلوف أن “انتشار منظمات طلابية فلسطينية وشبابية ساهم في تعزيز الهوية والانتماء، وهي من الأمور التي يستعاد هذه الأيام التركيز عليها”. ويعتبر مخلوف أن تأسيس فريق “فلسطين” لكرة القدم في تشيلي حافظ إلى حد كبير على جانب الوعي بين الأجيال الفلسطينية بقضية بلادهم وانتمائهم. ويعترف مخلوف، وغيره من الناشطين في صفوف الجاليات الفلسطينية في أميركا اللاتينية، بأن مسألة “اللغة تعتبر مهمة جدا بعد أن فقد الجيل الجديد لغته الأم العربية، ورغم ذلك لا يمكن القول إن ذلك يقف عقبة في مسألة الهوية الفلسطينية إلى جانب التشيلية، وعليه نحاول بكل الوسائل أن نحافظ على لغة النشء الفلسطيني في تشيلي وغيرها، بل ونعتبر انتشار اللغة بين الشباب الفلسطيني عملا أساسيا في نشاطاتنا اليومية، وبجهود نحاول أن لا نقصر فيها، إذ نعتبر اللغة مفتاحا أساسا لبقاء الهوية الفلسطينية بعد مرور كل تلك العقود الطويلة على حالة الهجرة البعيدة عن العالم العربي”.

وبقيت مهمة نشر الوعي بالقضية الفلسطينية والثقافة محور كل الجهود التي يقوم بها المجتمع المدني الفلسطيني في تشيلي . ويقول مخلوف إن عدد المنظمات أو الجمعيات الفلسطينية في تشيلي يصل إلى ما يقرب من 13 مؤسسة، وجرى تغيير اسمها من الفيدرالية الفلسطينية إلى مؤسسة الجاليات الفلسطينية.

وتهدف هذه المؤسسات إلى الإبقاء على الوعي بفلسطين ، وهو ما يشمل أيضا المستويات الأكاديمية، فالحركة الطلابية في سانتياغو تنشط في الجامعات والمؤسسات التعليمية، وقد شكل الطلبة الفلسطينيون ما يشبه اللوبي فيها”.

أنشطة عامة

وعموما تتفق تلك المؤسسات الفلسطينية العاملة في صفوف جاليتها الكبيرة على “أنشطة ليس فقط في صفوف الأبناء بل تشمل التشيليين واللاتينيين والمقيمين على مستويات أكاديمية تقوم بدعوة هؤلاء إلى فلسطين لرؤية الواقع الفلسطيني على الأرض، ويشمل ذلك أيضا البرلمان التشيلي حيث ننظم زيارات لبرلمانيين للاطلاع على واقع فلسطين في ظل الاحتلال، وآخر زيارة شملت 11 عضوا من البرلمان التشيلي، إضافة إلى اجتماعات دورية مع وزارة الخارجية والوزراء في سنتياغو، ويمكن القول إن الجاليات الفلسطينية في تشيلي متفقة على برنامج مشترك يشكل فيه الفلسطينيون ما يشبه اللوبي وله نفوذ كبير في السياسة التشيلية في القضايا العربية وخصوصا لجهة توضيح خروقات حقوق الإنسان التي تتم للقانون الدولي على أرض فلسطين”. ويؤكد مخلوف أن التعاون يشمل منظمات المجتمع المدني وغير الحكومية في تشيلي وبقية أنحاء أميركا اللاتينية، وتستضيف الجاليات ضيوفا ومتحدثين من فلسطين والعالم العربي “وتلك الأنشطة يحضرها وبحماسة مئات الفلسطينيين والتشيليين والعرب، إن على مدرجات الجامعات أو في ندوات ومهرجانات تقيمها الجالية الفلسطينية بشكل دائم”.

في مقابل قوة وصلابة العمل الفلسطيني في أميركا اللاتينية، وتحديدا بهذه الضخامة في تشيلي، مقارنة بأعداد فلسطينييها، لا تقلّ مخاوف المدير التنفيذي، أنور مخلوف، من تأثير حالة الانقسام الفسطيني-الفلسطيني على واقع وعمل الجالية، وعن ذلك يمضي قائلا إنه ” للأسف يحاول البعض نقل تلك المشكلة (الخلافات الداخلية) إلى أميركا اللاتينية، وكثيرا ما نوضح لتجنب هذا الاستيراد للمشاكل التي يمكن أن تؤثر سلبيا على عمل مؤسساتنا، أننا جاليات لا نمثل أحزابا وتيارات، بل نحن جزء من الشعب الفلسطيني وعملنا محلي يتعلق بمجتمعاتنا التي نقيم فيها خدمة لقضيتنا ولقضية شعبنا في فلسطين.

الهوية والواقع

وعن قوة المجتمع الفلسطيني في شيلي يقول الباحث والخبير الفلسطيني هشام عبد الله في تصريحات خاصة أنه صحيح دور التشيلي السياسي العالمي محدود ولكنه مهم.

وأشار إلى أن تجربة الجاليات الفلسطينية في الشتات في دعم فلسطين محكومة اولا بسياسات الدول التي تعيش فيها ومن ثم سياسة منظمة التحرير التي ام تستطع الحفاظ على زخم دعم هذه الجاليات لا سيما بعد أوسلو.

ويضيف عبد الله إن الجالية الفلسطينية في تشيلي هي في حقيقة الامر تشيليون اولا قبل ان يكونوا فلسطينيين ،  وهم من جيل رابع وخامس على ما اعتقدهم قوة اقتصادية ولكنها أيضا قوة تشيلية في المقام الاول. اللافت أن عبد الله يقول أن الفلسطينيين في تشيلي يمكن ان يكونوا داعمين ولكن في إطار سياسة تشيلي الخارجية وليس في إطار كونهم من أصول فلسطينية.

ويوضح عبد الله أنه كذلك لا يمكن تشبيه دود جاليات فلسطينية في الشتات بتجربة اليهود في الشتات ثمة فرق كبير على أكثر من صعيد، وينهي عبد الله حديثه بالقول أن الفلسطينيين في تشيلي هم تشيليون اكثر بكثير من كونهم من أصول فلسطينية(1)

(1)أحمد إبراهيم    www.alghad.tv

 

رابط مختصر: https://palcamps.net/ar/camps/12

جميع الحقوق محفوظة © موسوعة المخيمات الفلسطينية



https://palcamps.net/ar/group/12