ما هي ماهية العلاقة بين كل من الأونروا والكيان الصهيوني، منذ تأسيس الأونروا حتى اليوم؟ وكيف يمكن رسم معالم تلك العلاقة بينها!؟


ما هي ماهية العلاقة بين كل من الأونروا والكيان الصهيوني، منذ تأسيس الأونروا حتى اليوم؟ وكيف يمكن رسم معالم تلك العلاقة بينها!؟

د.محمد ياسر عمرو – مدير أكاديمية دراسات اللاجئين

يعتبر الكيان الصهيوني السبب الرئيس في استمرار عمل الأونروا واستمرار قضية اللاجئين ومعاناتهم، لتجاهله لحقوق الشعب الفلسطيني وتجاهله حقوقه المشروعة، والمعبَّر عنها بقرارات أممية منها  القرار 194 الذي كان المرجع الأهم لتأسيس الأونروا. حيث تبنت "إسرائيل" موقفاً رافضاً للأونروا عبرت عنه بتصريحات للسياسيين والقادة والأكاديميين، كما عبرت عنه بالاعتقال والاغتيال والقصف. وعبّر الكونغرس الأمريكي ورموزه عن مواقف "إسرائيل" من الأونروا وتوجهاتها استجابة للوبي الصهيوني ومطالبه، والتي تم طرحها مرات عديدة من خلال الكونغرس.

يعبّر الاحتلال "الإسرائيلي" عن رفضه للأونروا وتحفظه على ممارستها لأعمالها من خلال مراكز دراسات أو تصريحات واتهامات لقادة صهاينة، برزت في عدة تدخلات للاحتلال، وأهمها:

1- اعتقاد "إسرائيل" بأن الأونروا تشكل عقبة في طريق أي اتفاق مع الفلسطينيين: فقد ذكرت صحيفة “إسرائيل اليوم” في 6/12/2011 “ أن "إسرائيل" تُحرِّض على إغلاق وكالة الأونروا بحجة أن هذه الوكالة تُشكّل عقبة أمام أي اتفاق مستقبلي مع الفلسطينيين بسبب المعايير المختلفة لوضع اللاجئ الفلسطيني.

2- المطالبة بحل الأونروا: فقد دعا الوزير “الإسرائيلي” سلفان شالوم في تصريح له يوم 7/11/2005 إلى نقل صلاحيات وكالة الأونروا إلى السلطة الوطنية الفلسطينية على طريق حلها. كما قدم السياسي اليساري الصهيوني يوسي بيلين من حزب ميرتس رؤيته لحل وكالة الأونروا بتاريخ 23/6/2008 في معهد كارنيجي الأميركي حين دعا إلى “حل الوكالة الدولية ــ الأونروا ــ واستبدالها بالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين.

3-اتهام الأونروا بالتورط بأنشطة المقاومة "أنشطة إرهابية": طالبت دراسة صادرة عن “معهد الإستراتيجية الصهيونية” "الإسرائيلي" بوقف أنشطة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، زاعمة أن أسلوب إدارة عمل الوكالة يشوبه الكثير من المشاكل والمبالغة في الإنفاق، على عكس جميع المنظمات الأخرى التابعة للأمم المتحدة، متهمة إياها بـ”التورط في الأنشطة الإرهابية” على حد وصفها. وادعت الدراسة التي رصدت أنشطة الوكالة في قطاع غزة والضفة الغربية، أن “النتائج التي توصلت إليها تشير إلى أنها تزيد من أزمات المواطنين في تلك المناطق، بدلاً من مباشرة مهامها المتعلقة بحل أزمات اللاجئين الفلسطينيين”. لكن تبين لاحقاً في أعقاب تحقيق أجراه فريق تابع للأمم المتحدة بأن ما ظهر في الصور "الإسرائيلية" على أنه صاروخ قسام لم يكن سوى نقالة جرحى. وقد اعترفت السلطات "الإسرائيلية" بذلك وتراجعت عن اتهامها العيني هذا، غير أنها واصلت اتهام الأونروا بتقديم المساعدة للمقاتلين الفلسطينيين.

4-اتهام الأونروا بازدواجية المعايير وعدم الأخلاقية المهنية: اتهم نائب وزير الخارجية "الإسرائيلي" داني إيالون وكالةَ الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين في الشرق الأدنى (الأونروا) بأنها تعمل على إدامة الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي". ووصفها بأنها "غير مقبولة أخلاقيًا ولا سياسيًا " مدعيًا بأنها تطبق معايير مزدوجة عندما لا تُعيد توطين اللاجئين الفلسطينيين عبر مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ما يعرقل، برأيه، التوصل إلى حل سلمي للنزاع بين "إسرائيل" والفلسطينيين.

5-اعتقال موظفي الأونروا بتهم القيام بأعمال عدوانية: في عام 2003 تم القبض على عاملين بالوكالة بتهمة إلقاء زجاجات حارقة على حافلة "إسرائيلية"؛ كما تم اتهام  الأونروا باستخدام سيارات إسعاف تابعة لها لنقل مقاتلين من حماس، وفي عام 2004 تبين أن مجلس إدارتها بالكامل من ممثلي الحركة، زاعمة أن عملية “الجرف الصامد” شهدت تورط عاملين في الأونروا في عمليات مقاومة.

6-الربط بين الأونروا واستمرار قضية اللاجئين الفلسطينيين:  يرى الجانب "الإسرائيلي" أن وجود الأونروا هو إطالة أمدٍ لقضية اللاجئين، ووجود هيئة أممية كالأونروا يعني ذلك وجود شريان حياة لقضية اللاجئين، وفي هذا الصدد يقول البروفسور ناجي شراب المحلل والخبير في الشأن السياسي (أما فيما يتعلق "بإسرائيل" فإن الأونروا تمثل لها استمرارية في مشكلة اللاجئين، وبالتالي لا تحاول "إسرائيل" التخلص من الأونروا كمؤسسة؛ وإنما تصفية اللاجئين بما تقدم لهم من خدمات وفرص عمل، لأن أكثر الإنجازات التي قدمتها الأمم المتحدة عبر الأونروا هو الحفاظ على قضية اللاجئين بصرف النظر عن حل قضية اللاجئين).

7-شنت "إسرائيل" مؤخرًا سلسلة من الهجمات على وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين في الشرق الأدنى (الأونروا):  وهو ما قد يُنذر بمحاولة أخرى لإغلاق الوكالة. وفي الوقت ذاته تواجه الأونروا تحديات خارجية وداخلية خطيرة يمكن أن تُسفِر، إذا ما نظرنا إلى محاولات الغرب عبر التاريخ لاستخدامها من أجل إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين، عن تبدلٍ في مهمة الوكالة وولاياتها كما حصل لبرهة في مرحلة ما بعد أوسلو.

8-اتهام الأونروا بأنها عقبة أمام السلام: بين الفينة والأخرى تخرج للملأ بعض التصريحات والمواقف التي تدعي بأن وجود الأونروا يعيق عملية السلام، من ذلك ما  نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" بتاريخ 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 جاء فيه أن "إسرائيل" تعتزم الطلب من الأمم المتحدة بأن تغلق الأونروا، متهمةً الوكالة بأنها "عقبة أمام السلام".

9-اتهام الأونروا بتشويه مصطلح اللاجئ:  يرى الساسة الإسرائيليون أن الأونروا شوهت مصطلح اللاجئ الفلسطيني وتحاول تقديم مفهوم جديد لهذا المصطلح الذي لم يُعرف سابقاً، ولم تعرفة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، من ذلك ما  نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" بتاريخ 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2912 جاء فيه اقتباس تصريحات لمسؤولين "إسرائيليين" ادَّعوا فيها بأن الأونروا قد "شوهت مصطلح اللاجئ" وأنْ ليس في العالم لاجئون آخرون تحصل أجيالهم اللاحقة على صفة اللاجئ غير الفلسطينيين.

10- التدخل "الإسرائيلي" في شؤون الأونروا الخاصة وفق المصالح "الإسرائيلية": يتدخل "الإسرائيليون" وبشكل سافر في شؤون الأونروا الداخلية وخاصة الإدارية منها، وذلك بما يخدم مصالحهم، ووصل الأمر إلى العمل على إقالة مفوض أو مسؤول لا يخدم مصالحهم، فقد أقرت مصادر في الحكومة "الإسرائيلية" أن "إسرائيل" والولايات المتحدة مارست ضغوطاً  على الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان بعدم تجديد مهام المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين بيتر هانسن عام 2010.

ونقلت صحيفة هآرتس  عن مصادر سياسية "إسرائيلية" قولها إن الحملة السياسية  لإنهاء مهام هانسن جاءت بموجب تعليمات من وزير الخارجية "الإسرائيلي" سيلفان شالوم. بادعاء أن هانسن "كاره لإسرائيل".

11- العمل على تحويل دور الأونروا من إغاثة وتشغيل إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين: يسعى الاحتلال "الإسرائيلي" منذ نشأة الأونروا إلى تحويل دورها من وكالة تخدم اللاجئين الفلسطينيين في مواطن اللجوء حتى عودتهم إلى وكالة تسعى لتوطينهم ودمجهم في مناطق اللجوء، ويظهر ذلك جلياً من خلال "وثيقة يوسي بيلين- أبو مازن" التي وقعت في سويسرا في نهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر) عام 1995، وأعلنها بيلين في 31/7  و 29/11/1996 بأنها ستكون مرجعاً مهماً للمفاوضين السياسيين لمرحلة الحل الدائم. فقد ورد في البند الرابع من الوثيقة «تَحِل هيئة دولية جديدة محل وكالة غوث اللاجئين الأونروا لتعمل على إعادة تأهيل وتأمين استيعاب اللاجئين في دول وأماكن إقامتهم، والعمل على تطوير الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية وتذويبهم في الحياة اليومية للمجتمعات التي يعيشون في محيطها، وتتكفل حكومة حزب العمل التعامل ثنائياً مع الدول المعنية والأطراف الدولية الراعية، من دون صخب أو ضجيج إعلامي حتى لا يشكل ذلك إحراجاً للسلطة، وممارسة الضغوط الكفيلة بانتزاع المواقف الدولية الداعمة لهذا الهدف بالتعاون مع الدول المضيفة لضمان إغلاق الملف نهائياً».

12- اتفاق أوسلو يقتضي حل الأونروا: اتفاق أوسلو لا يعطي مساحة لعمل الأونروا ويقضي ذلك لحلها، وفعلاً هذا ما حصل  عقب توقيع إعلان المبادئ في أيلول/سبتمبر 1993 عندما أخذت الأونروا تتهيأ لحل نفسها، غير أن العملية انعكست بسبب فشل اتفاقات أوسلو.

بعد جولة في الموقف "الإسرائيلي" من الأونروا تخلص الورقة في أن الاحتلال تبنّى فكرة إنهاء عمل الأونروا، وأتبعها بشتى طرق ووسائل التضييق عليها، وفي إطار حربها المشتركة وظفت أمريكا المال السياسي في تحجيم دور الأونروا وتقليصه، فيما تشير تلميحات مسؤولي أونروا بين الحين والآخر إلى تورطهم في هذا المخطط، ويظهر جليًا أن الجانب الفلسطيني الرسمي غافل أو يتغافل عن هذا المخطط.

-المقال ملخص من بحث بعنوان: جدلية العلاقة بين الأونروا والكيان الصهيوني للدكتور محمد ياسر عمرو



https://palcamps.net/ar/post/128