الفن من المخيمات


الفن من المخيمات

التمثيل والغناء في مخيم اليرموك

#خليل_الصمادي

شهد مخيم اليرموك في بداية تأسيسه استقرار عدد من الفنانين السورين أمثال فهد بلان وسلوم حداد والراحل ياسين بقوش وغيرهم كما شهد عددًا ممن اشتغلوا بالمسرح والتلفزيون والسينما وغيره، إلا أن الظهور الفني الفلسطيني في المخيم تأخرعن بقية المناطق ففي الستينات برزت وجوه فلسطينية تعمل في السينما أمثال يعقوب أبو غزالة وبسام لطفي، أحمد رافع، أديب قدورة ، حسن عويتي، يوسف حنا ، والعزف المبدع حسين نازك وأما وجوه المخيم التي عرفناها في التمثيل فقد تأخرت قليلا في الظهور منهم هاني السعدي عبد الرحمن أبو القاسم وتيسير إدريس، صبحي سليمان .
في الستينات كان النادي العربي في شارع فلسطين هو الواجهة الفنية للمخيم فبعد أن عرض عدة أفلام مصرية بالهواء الطلق ترفيهًا عن اللاجئين الفلسطينيين وتطور عمل النادي حتى أصبح يدرب بعض الهواة وعند افتتاح ثانوية اليرموك 1972 كان مجموعة من الطلبة يتدربون هناك من أجل تقديم حفل ختام العام الدراسي، وبعد سنوات تم عرض عدة مسرحيات وطنية هادفة منها مسرحية التعرية " الستبرتيز" للفنان زيناتي قدسية مع مجموعة من الفنانين ، وفي تلك الفترة ظهرت بعض الأفلام التي تتحدث عن القضية الفلسطينية كفلم الفلسطيني الثائر لغسان مطر ، والابطال يولدون مرتين وكانت سينما النجوم تستغل التعاطف الشعبي فتعرضهما في الأعياد لأكثر من 7عروض يومية، وفي تلك الفترة أيضا زار الفنان عماد حمدي المخيم مع مجموعة من الفنانيين المصرين لتصوير فيلم عن اللاجئين الفلسطينيين .
برز على ساحة المخيم أسماء شبان عملوا كمخرجين قدموا عروضاً على مسرح سينما النجوم منهم فضل عودة ،، وغازي قاسم " غازي الضبع" الذي قدم مسرحيتين الأولى: «بلا الشاي يا نوال» والثانية: «كرسي ومسمار»، وهذه العروض نالت على استحسان المشاهدين، وفي ذلك الوقت قدم الشاب المرحوم " علي الشهابي " مسرحية لم أذكر اسمها وربما كانت العمل الوحيد له، كذلك تم عرض مسرحية قدمتها فرقة سورية بقيادة الفنان سعد الدين بقدونس لأكثر من أسبوعين وكان من أروع العروض التي قدمت في المخيم .. كما ساهم مركز الشهيدة حلوة زيدان في عرض بعض المسرحيات من قبل جنود جيش التحرير في مناسبات وطنية عدة بالإضافة إلى تقديم بعض المسرحيات الوطنية من قبل بعض الفصائل ولكنها قليلة ، وبرزت أسماء في تلك الفترة مثل مصطفى حسان، نور الدين النابلسي، وفي هذا الوقت برز عازف المجوز الشهير أبو فواز أبو ماضي في كثير من الأعراس التي كانت تقام في شوارع المخيم وساحاته، وبرز الحاج نمر المهرجي كروِّيس لأشهر الدبكات، كما برز حسن الناجي " أبو وسيم" كعريف حفل الأعراس وراقص ماهر دون أن يقع إبريق الماء عن رأسه .
وفي أوائل الثمانينات برزت فرقة العاشقين في المخيم واستحوذت على المشهد الغنائي بأجمله وقدمت عروضاً فنية جميلة في المخيم وغيره ، وقد أفردتُ لها فصلا كاملاً في موضع بهذا الكتاب، وأما فرقة البراق التي كانت مدعومة من حركة ح م اس، فقد قدمت عروضا فنية جميلة امتازت بالحس الوطني والذاكرة الفلسطينية فكما ظهرت بقوة سكتت بقوة ، وأما فن "القربة" التي امتاز بها مخيم اليرموك على سائر الأراضي السورية فبدأت بمحمد الحوتري ومحمد درباس وانتهت بسمير الشهابي وفؤاد الزين الذي كان مبدعاً فيها إذ انتقل للعزف في أشهر الفنادق كالشيرتون والمرديان مع مهندس الصوت جوني كومفيش والمطرب طوني خوري.
ويعد الفنان تيسير ادريس أكثر الفنانين الفلسطينيين التصاقا بالمخيم فبالرغم من ظهوره على المسرح و الشاشتين الصغيرة والكبيرة كنجم معروف إلا أنه لم يغادر مخيمه إلا وقد غادره أغلب الناس ، كما امتاز بكثرة أعماله واستمراره لليوم فمنذ أن كنا طلابا في ثانوية اليرموك 1973 وهو يعمل في المجال الفني وقد بشرنا بآخر أعماله على صفحته بالفيس بك " فتح الأندلس " وأظن أن أول مشاركة سينمائية له في فيلم "الأبطال يولدون مرتين" 1977م .
وفي مسلسل التغريبة الفلسطينية للمخرج حاتم علي الذي عاش شطرا من حياته في المخيم اشرك عددا من أولاد المخيم في ملحمته الخالدة أمثال خالد النجمة وأخوه ومحمد قاسم وسامر خليلي وعلي السهلي وغيرهم ، علما أن جُلَّ هؤلاء الأطفال اغترب أكثرهم في أوروبا وصاروا شبابا فبعد أن مثلوا التغريبة مارسوها بعد سنوات.
أما بالنسبة للغناء والطرب فكانت الأعداد قليلة نسبة لعدد السكان وأذكر ممن نال حظا من المطربين : محمد عزيمة ، محمود خليل ، أحمد الحلبي الذي كان يقلد فريد الأطرش وعدد من الشبان لم يحالفهم الحظ في الوصول إلى الشهرة كما انتشرت ظاهرة الفرق الغنائية والدبكات تقدم خدماتها في الأفراح والأعراس واشتهر من المطربين الشعبيين محمد نعيمي وماهر نجم " أبو فقير " .
ومن الفرق الفنية اشتهر الفنان عوني موعد كظاهرة فريدة من نوعها في تدريبه للأطفال في النادي الثقافي الفلسطيني وتقديم عروضا رائعة، كما عرف جهاد مفلح وفرقته أنانا التي قدمت عرضين مميزين في وسط دمشق أحدهما في مسرح معرض دمشق الدولي لمسرحية " صقر قريش" والأخرى في إحدى صالات دمشق ، وخلال الأزمة برز الفنان المرحوم حسان حسان وحسن الطنجي وخالد الطنجي بأعمال كانت تعبر عن معاناة اللاجئين في حصارهم .
ومن الجدير ذكره أنه بعد افتتاح المركز الثقافي التابع لوزارة الثقافة تم عرض عدد من المسرحيات الهادفة " جثة المقهى" والحفلات الغنائية " عبد الفتاح عوينات كنموذجين لأن القائمة تطول .
ومن المؤسف أن أغلب هذه الأسماء التي ساهمت في الحركة الفنية والتمثيلية في مخيم اليرموك هاجرت لأوروبا وكندا وبعضه استمر في عمله والبعض بسبب اختلاف الثقافة والرؤية غير اهتماماته.
في فن الكتابة والسيناريو برز الكاتب الشهير حسن سامي يوسف الذي تخرج في جامعات موسكو وقدم عددا من الأعمال الدرامية الشهيرة أشهرها : أسرار المدينة الندم، الانتظار، فوضى، وامتاز حسن بتصوير البيئة الشعبية في أغلب أعماله كالتي في مخيم اليرموك فنال الكثير من الجوائز والإطراء، كما امتاز في مهجره بصحنايا في الفترة الأخيرة تشجيع الهواة على الكتابة إذ جعل جائزة سنوية باسم شقيقه الناقد يوسف سامي اليوسف أكثر من مليون ليرة تدفع للفائزين الثلاثة الأوائل، وبرز هاني السعدي ككاتب وسيناريست وممثل ، وبرز الفنان المخرج وليد عبد الرحيم ، والكاتب محمد عمر الذي ختم أعماله قبل الهجرة بمسرحية صقر قريش إذ انتقل بها من مسرح معرض مدينة دمشق إلى كثير من الدول العربية والغربية. وبرزت قبل سنتين حنان حسين المهرجي التي ساهمت في مسلسل سوق الحرير بجزأيه الأول والثاني .
وجوه فلسطينية كثيرة عرفتها الساحة الفنية السورية إلا أن أغلبها من خارج المخيم أمثال : شكران مرتجى وفرح بسيسو، سوسن أبو عفار، يوسف حنا ورامي ، عبد المنعم عمايري، نزار أبو حجر، نسرين طافش ، أناهيد فياض، روعة السعدي، صفاء سلطان وغيرهم. ووجوه سورية فنية استقرت في المخيم وماحوله أشهرهم حاتم علي ، سميح شقير، المخرج احمد فراج، المخرج عبد اللطيف عبد الحميد، نضير لكود وشقيقه زياد لكود، المطربة سحر فوزي وزوجها المخرج فيصل الراشد، أندريه سكاف
وأسماء كثيرة من المخيم عملوا في الساحة الفنية بعضهم تابع مسيرته وبعضهم ترك ولكن للتوثيق نذكر ما أسعفتنا الذاكرة بهم : المرحوم نصر فؤاد شما بأعماله المتنوعة وشقيقته انتصار شما، طارق سملوتي، خالد ميقاري، يوسف الطيب، عماد ميقاري، قاسم جبالي، رياض طه، معين زيتونة، محمد فلاح، عازف الكمان الشهير صابر خليفة ، علي باجس،ناصر أبو حديد،فؤاد موعد،وغيرهم.
إن حصر الحالة الفنية لمبدعي المخيم بعد الخروج يصعب حصره إذ توزع مئات الشباب والصبايا في القارة العجوز وكندا وغيرها، ويحسب لأكثرهم فخرا أنهم مازالوا يحملون قضيتهم في ساحات ومسارح المدن هناك .



https://palcamps.net/ar/post/161