إعداد: المستشارة عزية دعاس


إعداد: المستشارة عزية دعاس

ما قيمة التقدم الحضاري إمع وجود  اللاجئين والمشردين؟؟

حق العودة للاجئ الفلسطيني ثابت لا يتغير

الـــجزء الأول

شكلت قضية اللاجئين منذ نشوئها محور القضية الفلسطينية، وأصبحت النكبة التي أحدثتها العصابات الصهيونية بحق شعبنا الشاهد الرئيسي على إحدى أكبر عمليات التطهير العرقي في القرن العشرين، وأكبر مآساة سياسية وإنسانية متواصلة منذ العام 1948 حتى يومنا هذا في الوطن والمنافي ومخيمات اللجوء.

يُعتبر حوالي 70 بالمائة من الشعب الفلسطيني في العالم من اللاجئين، حيث يعدّ واحد من كل ثلاثة لاجئين في العالم لاجئاً فلسطينياً، ولا يحمل نصف اللاجئين الفلسطينيين الجنسية، بل منعتهم إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، لعقود طويلة من حقهم في العودة إلى وطنهم في إنتهاك صارخ للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة وخاصة قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 ، في الوقت الذي سهّلت فيه هجرة اليهود إلى إسرائيل دون قيد أو شرط.

يفتقر اللاجئون الفلسطينيون إلى أبسط الحقوق الإنسانية، ويعانون من إنعدام الحماية والمساعدة الدولية الملائمة، ويدفعون ثمن اللجوء بشكل مزدوج سواء في الخارج أو في الوطن المحتل بفعل إجراءات الإحتلال العنصرية. ولذلك، يشكل حلّ قضية اللاجئين الركيزة الأساسية لأي حل منصف وعادل للقضية الفلسطينية، يرتكز في جوهره إلى القانون الدولي وحق اللاجئ الفلسطيني غير القابل للتصرف في العودة إلى دياره التي شُردّ منها عام 1948، ومجموعة من الخيارات التي تهدف إلى الوصول إلى حل عادل ودائم.

كانت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وليدة تضافر المؤامرات الاستعمارية والصهيونية المتتالية، منذ وعد بلفور حتى صدور قرار تقسيم فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة، مروراً بعصبة الأمم والانتداب البريطاني على فلسطين.

وقد تضمن ميثاق منظمة الأمم المتحدة نصوصاً واضحةً بشأن حقوق الشعب والأفراد، فقد عبر في مقدمته عن " إيمان الأمم المتحدة بالحقوق الأساسية للإنسان، وبكرامة الفرد وقدْرِه، وبما للرجال والنساء والأمم -كبيرها وصغيرها- من حقوقٍ متساويةٍ كما أن المادة الأولى من الميثاق التي أكدت بدورها " احترام المبدأ الذي يقضي بالتساوي في الحقوق بين الشعوب، وبأن يكون لكل منها حق تقرير مصيرها" و "احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا، والتشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين، وبلا تفريق بين الرجال والنساء". ومع ذلك فقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين رقم 181 ( الدورة - 2 ) بتاريخ 29/11/1947، وإثر صدوره صعدت العصابات الصهيونية ووسعت عمليات الإرهاب والقتل والإبادة ضد الشعب الفلسطيني، وبعد أن انسحبت بريطانيا من فلسطين ونشبت فيها حرب عام 1948 بلغت العمليات ذروتها، مما أدى إلى اقتلاع معظم أبناء شعب فلسطين من وطنهم وأراضيهم وجعلهم يعيشون في الشتات حياة البؤس والشقاء، أو يسعون إلى رزقهم في البلاد العربية ومختلف بقاع العالم.

ولا بد من التشديد على عامل أساسي له صلة قانونية وواقعية كبرى بحقوق اللاجئين وتحديدها وتثبيتها، فقد زاد من حدة مشكلة اللاجئين وأبعادها، احتلال القوات الصهيونية بعد 10/4/1948 مناطق عربية واسعة ومختلفة، وبعض هذه المناطق عربية، تقع بموجب قرار تقسيم ضمن الدولة العربية، وبعضها كانت تقطنها أكثرية عربية ساحقة، فالجليل الغربي كان يقطنه 123 ألف فلسطيني، ويافا سكنها 114 ألفاً، ويزيد عدد سكان هذه المدن الفلسطينية التي تم احتلالها عن 200 ألف فلسطيني، كما احتلوا مئات القرى الفلسطينية الصغيرة التي هدم معظمها، وبدلت بأسمائها أسماء عبرية، فأزيلت من خريطة فلسطين خلافاً لاتفاقية جنيف الرابعة.

ونتج عن احتلال الكيان الصهيوني مناطق ومدناً وبلداناً وقرى فلسطينية ً ـ خصصت بموجب قرار التقسيم للدولة الفلسطينية ـ إخراج وتهجير واقتلاع ما لا يقل عن 600 ألف فلسطيني، وبعبارة أخرى فإن ثلثي اللاجئين الذين شردوا عام 1948، قدموا من مناطق عربية تقع خارج حدود إسرائيل، وقد أكد هذه الحقائق الوسيط الدولي برنادوت في التقرير الذي رفعه في 16/9/1948 إلى الجمعية العامة في دورتها الثالثة، وفيه حمل الكيان الصهيوني مسؤولية العدوان، حين قال: " إن أية تسوية لا يمكن أن تكون عادلة وكاملة ما لم يتم الاعتراف بحق اللاجئ الفلسطيني في أن يعود إلى المنزل الذي طرد منه، نتيجة لما رافق النزاع المسلح بين الفلسطينيين واليهود في فلسطين من أخطار". لقد جاءت الأكثرية الساحقة للاجئين الفلسطينيين، من مناطق تقع وفقاً لقرار التقسيم بتاريخ 29/11/1947 في الدولة اليهودية، وإنه لخرقٌ فاضحٌ لأبسط مبادئ العدالة أن ينكر على هذه الضحايا البريئة حق العودة إلى منازلها، في حين يتدفق المهاجرون اليهود إلى فلسطين، ويشكلون -في الواقع- خطر استبدال دائم للاجئين الفلسطينيين الذين لهم جذور في الأرض منذ قرون.



https://palcamps.net/ar/post/49