هل تعرف ما خطيئة الفلسطيني ؟


هل تعرف ما خطيئة الفلسطيني ؟

هل تعرف ما خطيئة الفلسطيني؟ أنه يريد أن يكون فلسطينياً. لا أكثر ولا أقل. أنه لا يعجبه أن يأتي شخص آخر لسرقة بيته. بديهية كهذه ممنوعة عليه. وحين لا يغادر منزله، يكون أصبح مُداناً. وعرضة لكل أشكال الأذى والتنكيل. شريعة لا وجود لها في أي مكان آخر في العالم. لكن ما رفضه العالم إبان الحرب العالمية الثانية، لم يعد قادراً على السكوت عنه الآن. ومهما كُتِب عمَّ يحدث الآن في فلسطين، سيكون هنالك إجماع بطريقة ما، على أن المشهد يصلنا مباشرة بلحظة 1948. اللحظة الفلسطينية التي وبغمضة عين، محت كل سعي إسرائيل، لإلغاء شعب على مدى 73 عاماً. تخيّل فداحة أن تقوم لحظةٌ واحدة بمحو كل ما سعيتَ لأجله، تكنولوجياً وثقافياً ودعائياً، لأكثر من سبعة عقود. من الطبيعي إذن أن نراك مسعوراً إلى هذا الحد. لأنك تكون أدركتَ، في قرارة نفسك، ولخيبة أملك، أن لا أحد إشترى حجتك. وأن العالم ضحك عليك ولم يصدّقك يوماً إلى أن ضاق ذرعاً بك الآن. ما تفعلونه بنا سيحرجكم لوقت طويل. سيحرج كل مثقف اسرائيلي، كل أكاديمي، كل فنان وكاتب وسينمائي وسائح. أينما ذهبتم، ستجدون شخصاً واحداً على الأقل يسألكم بعينيه، إن لم يكن بلسانه، "لماذا تفعلون هذا بالفلسطينيين؟". لأن المأزق الفلسطيني مرتد عليكم اليوم. فاليوم، لا فلسطيني خارج فلسطين. وأولئك الذين طردوا قسراً من أرضهم، كأجدادي وأبي، أو ولدوا فيما بعد لاجئين، كأمي ومن بعدها أولادها نحن، وتوزعوا بعيداً عن فلسطين، أصبحوا كثراً. أكثر من الفلسطينيين أنفسهم. وبدل أن يتلاشوا، ويذوبوا في مجتمعات وثقافات جديدة، بات لهم أصدقاء ورفاق ومتضامنون وأحباء من كل بقاع الأرض، من كل الثقافات والإنتماءات والديانات، بما فيها اليهودية. يعرفون حكايتهم ويدافعون عن صوتهم. كما يَرَون مأساتهم بنفس صدمة العالم حين رأى قتل الجيش الأميركي للفيتناميين في نقل تلفزيوني حي غير مسبوق آنذاك. معنى الوطن لا يمكن أن يكون بيوتاً تسرقها أو شجراً عال تهلل بينما يحترق أو سماءً تسمِّمها بعوادم أسلحتك، أو حاجزاً تنصبه أو قتلاً لأطفال تخشى أن يكبروا. وطن كهذا لا يمكن أن يحدث. ومهما حصَّنتَ سرقتك بالأسوار والعتاد ووضعت حولها حراساً، ستظل مدركاً في قرارة نفسك أن لا شيء يربطك بالمسروق وستحاول جاهداً ألا تفكر في ذلك. وأن تتجنب عند الخروج من مسكنك، كلَّ ما يذكرك به في الشارع أو الطريق. فمن الممكن لأي طفل صغير أن يجعلك تفكر بالأسباب التي تدفعه للنظر إليك بتلك الطريقة، أو لقذفك بحجر أو حذاء أو بصقة أو شتيمة. لأن الشعب الذي تجاوره في يومياتك، هو مثل مرآة. انظر في عينيه ترى صورتك كسارق. من الطبيعي، نعم، أن نراك مسعوراً إلى هذا الحد.



https://palcamps.net/ar/post/68