انتهت مجزرة صبرا وشاتيلا ولم تنتهى مأساتها


انتهت مجزرة صبرا وشاتيلا ولم تنتهى مأساتها

نضال خلف

لحظة الصمت الأولى بعد المجزرة، كم كانت صاخبة!

قبل أن يخرج الضوء، وقبل أن تفوح رائحة الموت، وقبل أن تخرج الرؤوس الخائفة من الملاجئ، وقبل أن تدخل أولى العدسات..

قبل أن نعرف،
كانت لحظة صمتٍ اختزلت في ثقلها دهوراً.
كانت لحظة صمتٍ كسرت من بعدها ظهوراً.

تُرى؟ ماذا وقع في ذلك الصمت؟ هل بكت العين المفقوءة على جفنٍ مسلوب؟ هل انقبضت الذراع المبتورة فوق جسدٍ مصلوب؟ هل نبضت الأحشاء حزناً على جثة محبوب؟

هل سأل الرضيع، "أين رأسي؟"
هل ندهت الصبية، "يا ليت عرسي"
هل سمع القاتل بكاء الفأسِ؟

هل طالت أجسادكم دموعُ عزرائيل؟
هل صرخ الذباب ولعن "إسرائيل"؟
هل سجد إبليس؟
هل تاب قابيل؟

في تلك اللحظة، ارتعشت قلوبٌ كثيرة عن بعد. جنين الذكريات كان قد تشكّل في أرحامٍ لم ندرك وجودها من قبل. أجسادٌ ارتقت، وأنسابٌ انتفت، وأسماءٌ اختفت...سُلِبَت حتّى الوداع، وباتت أجراساً تُدقّ مع كلّ هاتف، وحنيناً كلّ ما دونه زائف، ومشاعراً تذيب مع كلّ خفقة قلب.

لحظة الصمت الأولى كانت لحظة الصمت الأخيرة.
انحنى الموت فيها فوق الأجساد الصامتة، وقال:
"يا ليتني متُّ قبل هذا".

في لحظة الصمت الأخيرة، أغمضت آخر عين، وفتحت أول عين، فكانت الصرخة:

صبرا وشاتيلا



https://palcamps.net/ar/post/75